فقد صرَّح فيه ابن جريج وشيخه بالتحديث والسماع، وأما ابن حبان فاختار أن يروي عن شيخه ابن خزيمة من الطريق الأولى وليس فيه التحديث، ثم رواه من طريق ابن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، أن أبا الزبير حدثه، عن ابن باباه (١٥٥٢، ١٥٥٣).
ورواه الحاكم في "المستدرك" (١/ ٤٤٨) من طريق سفيان به. وقال: صحيح على شرط مسلم.
وأما ما رُوِي عن أبي ذر أنه أخذ بحلْقَةِ باب الكعبة، فقال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا صلاة بعد العصر حتى تغربَ الشمس، ولا بعد الفجر حتى تطلع الشمسُ إلا بمكة" فهو ضعيف.
رواه أحمد (٢١٤٦٢)، والطبراني في الأوسط (٨٥١)، والدارقطني (١/ ٤٢٤)، والبيهقي (٢/ ٤٦١) كلهم من طريق عبد الله بن مؤمل، عن حُميد مولى عفراء، عن قيس بن سعد، عن مجاهد، عن أبي ذر فذكر الحديث.
إلا أن حميد مولى عفراء سقط في مسند أحمد. وهو ضعيف كما قال البيهقي وغيره. ومجاهد لم يسمع من أبي ذر كما قال ابن عبد البر في التمهيد (١٣/ ٤٥)، ورواه ابن خزيمة (٢٧٤٨) وقال: أنا أشك في سماع مجاهد من أبي ذر.
وفيه أيضًا عبد الله بن مؤمل ضعيف إلا أن إبراهيم بن طهمان قد تابعه عن حميد ومن طريقه رواه البيهقي.
قال ابن عبد البر بعد أن تكلم على حديث أبي ذر وضعَّفه: "ففي حديث جبير بن مطعم ما يُقوِّيه مع قول جمهور علماء المسلمين به. وذلك أن ابن عباس وابن عمر وابن الزبير والحسن والحسين وعطاء وطاوس ومجاهدًا والقاسم بن محمد وعروة بن الزبير كانوا يطوفون بعد العصر، وبعضهم بعد الصبح أيضًا، ويصلون بأثر فراغهم من طوافهم ركعتين في ذلك الوقت. وبه قال الشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وداود بن علي. وقال مالك بن أنس: من طاف بالبيت بعد العصر أخر ركعتي الطواف حتى تغرب الشمس، وكذلك من طاف بالبيت بعد الصبح لم يركعهما حتى تطلع الشمس وترتفع. وقال أبو حنيفة: يركعهما إلا عند غروب الشمس وطلوعها واستوائها".
٧ - باب من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها ولو كان الوقت مكروهًا
• عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من نسي صلاةً فليصلِّ إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك، {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [سورة طه: ١٤].
متفق عليه: رواه البخاري في المواقيت (٥٩٧) عن أبي نعيم وموسى بن إسماعيل، قالا: حدثنا همام، عن قتادة، عن أنس فذكر مثله.
قال موسى: قال همام: سمعته يقول بعد: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} وقال حبان، حدثنا همام، حدثنا قتادة، حدثنا أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه.
ورواه مسلم في المساجد (١٨٤) عن هدَّاب بن خالد، حدثنا همام به مثله.