[٧٨ - تفسير سورة النبأ وهي مكية، وعدد آياتها ٤٠]
١ - باب قوله: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (١) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (٢)}
قوله: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} أصله: عن ما، فأدغمت النون في الميم، وحُذِفَتْ ألف "ما" كقوله: فِيْمَ، وبِمَ.
لما دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - قومه إلى التوحيد، وأخبرهم عن البعث بعد الموت، وتلا عليهم القرآن جعلوا يتساءلون فيما بينهم: ما هذا النبأ العظيم الذي يخبر به محمد وهو البعث. لأنهم كانوا مختلفين في البعث بعد الموت، كما قال الله تعالى: {الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ} فإن من المشركين مَن كانوا يؤمنون بالبعث ولكنهم كانوا يقولون: إن أصنامهم وأوثانهم يشفعون لهم يوم القيامة، ومنهم المنكرون للبعث أصلا، وكانوا يقولون: {مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} [يس: ٧٨].
ثم سورة النبأ غالبها تتحدث عم يكون يوم القيامة من نفخ الصور، ودخول الجنة والنار، وصفة كل منهما، وهي قرينة صريحة واضحة بأن المراد بالنبأ العظيم هو البعث بعد الموت.
ولذا أكَّد الله تعالى في قوله: {كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (٤) ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ} أي: عند قيام الساعة.
٢ - باب قوله: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (٦) وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (٧) وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا (٨) وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا (٩)}
قوله: {وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا} أوتاد جمع وتد، وهو الثبوت، يقال: وَتَدَ يَتِدُ وَتْدًا أي: ثبت. وأوتاد الأرض ما يجعل الأرض لا تميل، ولا تخرج عن مدارها، وإنما تتحرك في مستقرها، ومنه أوتاد البلاد، أي: رؤساؤهم الذين يُسَيِّرون أمور العامة.
وقوله: {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا} أي: منقطعا عن الحركة، فإن معنى السبات: القطع، ليرتاح الجسم من عناء العمل.
٣ - باب قوله: {وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا (١٣) وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا (١٤)}
قوله: {وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا} والسراج هنا هو الشمس، ومعنى الوهاج: الذي يجمع النور والحرارة، وهو من الوهج، ومعناه حصول الضوء والحر من النار.
وقوله: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا} أي: الرياح ذوات الأعاصير التي تجر السحاب فتمطر في مكان، ولا تمطر في مكان.