الأنهار-، وهي ما كان يشترط على الزارع أن يزرعه على هذه الأنهار خاصة لرب المال، ونحو شرط القصارة -وهي ما بقي من الحب في السنبل بعد ما يداس-، ويقال: القصرى، ونحو شرط ما يسقى الربيع، وهو النهر الصغير مثل الجداول والسرى ونحوه، وجمعه أربعاء، وغيرها من الصور، فصار حديث رافع بألوان مختلفة في الألفاظ. وأما في الروايات فمرة يقول: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول. ومرة يقول: سمعت عما يقولان. ولذا ضعف الإمام أحمد حديث رافع بن خديج، وقال:"هو كثير الألوان".
قال البيهقي (٦/ ١٣٥): "يريد ما أشرنا إليه من الاختلاف عليه في إسناده، ومتنه".
ثم رجع الإمام أحمد إلى حديث رافع بن خديج، كما نقل عنه ابنه عبد اللَّه في المسند (٢٨/ ٥٢٢) قال: سألت أبي عن حديث رافع بن خديج، فقال:"كلها صحاح، وأحبها إلي حديث أيوب". انظر أيضًا مسائله (٣/ ١٢١٦).
وذلك "إذا كانت الحصص معلومة نحو النصف والثلث والربع، وكانت الشروط الفاسدة معدومة، وإلى هذه ذهب الإمام أحمد، وأبو عبيد، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة، وغيرهم من أهل الحديث. وإليه ذهب أبو يوسف، ومحمد بن الحسن من أصحاب الرأي، والأحاديث مضت في معاملة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر، أو زرع دليل لهم في هذه المسألة". قاله البيهقي (٦/ ١٣٥).
وقال الخطابي:"وقد أنعم بيان هذا الباب محمد بن إسحاق بن خزيمة، وجوَّده، وصنف في المزارعة مسألة ذكر فيها على الأحاديث التي وردت فيها، فالمزارعة على النصف والثلث والربع وعلى ما تراضى به الشريكان جائزة إذا كانت الحصص معلومة، والشروط الفاسدة معدومة، وهي عمل المسلمين من بلدان الإسلام، وأقطار الأرض شرقها وغربها، لا أعلم أني رأيت أو سمعت أهل بلد، أو صقع من نواحي الأرض التي يسكنها المسلمون يبطلون العمل بها". انتهى كلام الخطابي.
انظر للمزيد كلام الحافظ ابن القيم في "تهذيب السنن"(٥/ ٥٤)، فإنه أفاض الحديث في جواز المزارعة.
[٨ - باب النهي عن الثنيا]
• عن جابر أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن المحاقلة، والمزابنة، والمخابرة، والثنيا إلا أن تعلم.
حسن: رواه أبو داود (٣٤٠٥)، والترمذي (١٢٩٠)، والنسائي (٣٩١١) كلّهم من حديث عباد ابن العوام قال: أخبرني سفيان بن حسين، عن يونس بن عبيد، عن عطاء، عن جابر فذكره.
قال الترمذيّ:"حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه من حديث يونس بن عبيد، عن عطاء، عن جابر".