قال فيه الحافظ: "مقبول". أي إذا توبع. وشيخه الوليد بن أبي الوليد ليّن الحديث.
وأما ما روي عن زيد بن ثابت قال: "نهى رسول اللَّه عن المخابرة. قلت: وما المخابرة؟ قال: أن تأخذ الأرض بنصف أو ثلث أو ربع". فهو ضعيف.
رواه أبو داود (٣٤٠٧) عن أبي بكر بن أبي شيبة، حدّثنا عمر بن أيوب، عن جعفر بن برقان، عن ثابت بن الحجاج، عن زيد بن ثابت فذكره.
وإسناده ضعيف من أجل عمر بن أيوب، وهو العبدي الموصلي، وشيخه جعفر بن برقان، وهما لا بأس بهما إلا أنهما خالفا روايات الثقات في جواز المخابرة بالنصف والثلث والربع وبشيء معلوم فلا يقبل تفردهما.
وفي الباب ما روي أيضًا عن معاذ بن جبل أنه أكرى الأرض على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبي بكر وعمر وعثمان على الثلث والربع، فهو يعمل به إلى يومك هذا.
رواه ابن ماجه (٢٤٦٣) من حديث مجاهد، عن طاوس، أن معاذ بن جبل أكرى الأرض فذكره.
وفيه انقطاع؛ فإن طاوسا (وهو ابن كيسان) لم يدرك معاذ بن جبل. ثم إن معاذا توفي في خلافة عمر، ولم يدرك خلافة عثمان، ففيه خطأ مركب.
فقه هذه الأبواب:
المزارعة هي اكتراء العامل لزرع الأرض ببعض ما يخرج منها، كما ذكرها النووي في الروضة (٥/ ١٦٨)، وهي جائزة في قول أكثر أهل العلم.
قال البخاري: وقال قيس بن مسلم عن أبي جعفر قال: ما بالمدينة أهل بيت هجرة إلا يزرعون على الثلث والربع. وزارع علي، وسعد بن مالك، وعبد اللَّه بن مسعود، وعمر بن عبد العزيز، والقاسم، وعروة، وآل أبي بكر، وآل عمر، وآل علي، وابن سيرين. وقال عبد الرحمن بن الأسود: كنت أشارك عبد الرحمن بن يزيد في الزرع، وعامل عمر الناس على إن جاء عمر بالبذر من عنده فله الشطر، وإن جاءوا بالبذر فلهم كذا.
وقال الحسن: لا بأس أن تكون الأرض لأحدهما، فينفقان جميعا، فما خرج فهو بينهما، ورأى ذلك الزهري. وقال الحسن: لا بأس أن يجتنى القطن على النصف. وقال إبراهيم، وابن سيرين، وعطاء، والحكم، والزهريّ، وقتادة: لا بأس أن يعطي الثوب بالثلث أو الربع ونحوه. وقال معمر: لا بأس أن تكون الماشية على الثلث والربع إلى أجل مسمى. انظر "الفتح" (٥/ ١٠).
وفي قول ابن عباس وزيد بن ثابت بيان بأن المزارعة لا تحرم مطلقا، وإنما تحرم إذا وقع فيها الخصومة، فإذا كانت المزارعة بجزء مما يخرج من الأرض عامة دون تقييد جزء منها جاز، وكذلك إذا كان بمقابل شيء معلوم من الذهب والفضة.
وقد قيد بعض الرواة الصور التي وقع فيها النهي مثل شروط الجداول والماذيانات -وهي