الشمس، فإذا الناس قيام يُصلون، وإذا هي قائمة تصلي، فقلت: ما للناس؟ فأشارت بيدها نحو السماء، وقالت: سبحان الله! فقلت: آية، فأشارت أي نعم، فقمتُ حتَّى تجلاني الغَشي، وجعلت أصُبّ فوق رأسي ماءً، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم حمد الله وأثنى عليه، ثم قال:"ما من شيء كنتُ لم أرَه إلَّا قد رأيتُه في مقامي هذا، حتى الجنة والنار، ولقد أُوحي إلي أنكم تُفتنون في القبور مثلَ أو قريبًا من فتنة الدَّجال - لا أدري أي ذلك قالت أسماء - يُؤتَي أحدكم فيقال: ما علمُك بهذا الرجل؟ فأما المُؤمِن أو المُوقِن - لا أدري أي ذلك قالت أسماء - فيقول: هو محمد رسول الله، جاءنا بالبينات والهدى، فأجَبْنا وآمنّا واتَّبعْنا، فيقال له: نَمْ صالحًا، فقد علمنا إن كنت لمؤمنًا، وأما المنافقُ أو المرتابُ - لا أدري أي ذلك قالت أسماء - فيقول: لا أدري، سمعتُ الناس يقولون شيئًا فقلته".
متفق عليه: رواه مالك في الكسوف (٤) عن هشام بن عروة، عن فاطمة بنت المنذر (وهي امرأته)، عن أسماء بنت أبي بكر (وهي جدتها) فذكرت الحديث، ومن طريقه البخاري (١٨٤).
وأما مسلم فرواه من طريقٍ آخر عن هشامٍ به مثله، في صلاة الكسوف (٩٠٥). وسيعاد الحديث في صلاة الكسوف. وقد بوّب البخاري بقوله:"من لم يتوضأ إلَّا من الغَشْي المُثْقِل".
والغشي دون الإغماء، والإغماء ينقض الوضوء بالإجماع. وكونها كانت تتولى صبّ الماء على نفسها يدل على أن حواسها كانت مدركة.
ومحل استدلال البخاري في عدم نقض الوضوء من الغَشْي من جهة أنها كانت تُصلي خلف النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يري خلفه وهو في الصلاة، ولم يُنقل أنه أنكر عليها. كذا في الفتح.
٣٠ - باب الوضوء من مسّ الفرج
• عن عروة بن الزبير يقول: دخلتُ على مروان بن الحكم، فتَذاكرنا ما يكون منه الوضوءُ، فقال مروان: ومِنْ مسِّ الذكرِ الوضوءُ، فقال عروة: ما علمتُ هذا، فقال مروانُ بن الحكم: أخْبَرتْني بُسْرةُ بنتُ صفوان أنها سمِعتْ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"إذا مسّ أحدُكم ذكرَه فليتوضَّأ".
صحيح: رواه مالك في الطهارة (٥٨) عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، أنه سمع عُروة، فذكر الحديث. ومن طريق مالك رواه أبو داود (١٨١) والنسائي (١٦٣). وفي رواية عند النسائي (١/ ١٠١) قال عروة: فلم أزل أُماري مروان حتَّى دعا رجلًا من حرسه، فأرسله إلى بُسْرَة يسألها عما حدّثتْ من ذلك، فأرسلتْ بسرةُ بمثل الذي حدَّثني عنها مروان.