وأبو عنبة مختلف في صحبته، فعدَّه خليفة بن خياط، وابن سعد، والبغويّ وغيرهم من الصّحابة، وأنكر أبو حاتم الرَّازي -وهو إمام في معرفة الرّجال- أن يكون له صحبة، وعدّه من الطّبقة الأوّلى من تابعي أهل الشّام. كما أنكر أهل الشّام بأن تكون له صحبة.
وفي الإسناد أيضًا بقية وهو ابن الوليد كثير التّدليس والتّسوية، ولكن رواه ابن أبي عاصم في "السنة" (٤٠٠)، والقضاعيّ في "مسند الشّهاب" (١٣٨٩) من طريقه، وفيه التّصريح بالتحديث.
وفي الباب عن أبي أمامة، رواه القضاعيّ في "مسند الشّهاب" (١٣٨٨) وغيره مثله، وفي طريقه علي بن زيد الألهانيّ وهو ضعيف.
• عن كُرْز بن علقمة الخزاعيّ، قال: قال رجل: يا رسول اللَّه، هل للإسلام من منتهى؟ قال: "أيُّما أهل بيت". وقال في موضع آخر قال: "نعم، أيّما أهل بيت من العرب، أو العجم، أراد اللَّه بهم خيرًا، أدخل عليهم الإسلام". قال: ثم مَهْ؟ قال: "ثم تقع الفتن كأنّها الظُّلَل". قال: كلا واللَّهِ إن شاء اللَّه. قال: "بلى، والذي نفسي بيده، ثم تعودون فيها أساوِدَ صُبًّا يضربُ بعضكم رقاب بعض".
صحيح: رواه أحمد (١٥٩١٧)، والبزّار - كشف الأستار (٣٣٥٣)، والطَّبرانيّ (١٩/ ١٩٨)، والبيهقيّ في القضاء والقدر (١/ ٣٧٧) كلّهم من طرق عن سفيان، عن الزّهريّ، عن عروة، عن كُرْز ابن علقمة الخزاعيّ، فذكره. وإسناده صحيح.
وصحّحه الحاكم (١/ ٣٤) وقال: "ليس له علّة ولم يخرجاه". ثم ذكر قول الدّارقطني في إلزام الشيخين في إخراج هذا الحديث في صحيحيهما.
وأورده الهيثميّ في "المجمع" (٧/ ٣٠٥) وقال: "رواه أحمد والبزّار والطَّبرانيّ بأسانيد، واحدها رجاله رجال الصّحيح".
وقوله: "كلا" لم يقله إنكارًا لذلك؛ وإنّما قاله إظهارًا لمحبّته للإسلام.
وقوله: "أساود" حيّات، جمع أسود.
وقوله: "صُبًّا" بضم وتشديد - أي كأنَّهم حيَّات مصبوبة على النَّاس من السّماء.
٢٦ - باب أنّ اللَّه لا يُعطي الإيمان إِلَّا من يحبّ
• عن عبد اللَّه بن مسعود، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنّ اللَّه قسم بينكم أخلاقكم، كما قسم بينكم أرزاقكم، وإنَّ اللَّه يُعطي الدُّنيا مَنْ يحبُّ ومن لا يحبّ، ولا يعطي الإيمان إِلَّا من يحبّ".
صحيح: رواه الحاكم (١/ ٣٣ - ٣٤) من طرق عن أحمد بن جناب المصّيصيّ، نا عيسى بن يونس، عن سفيان الثّوريّ، عن زبيد، عن مرّة، عن عبد اللَّه بن مسعود، فذكره.