وأمّا الأمر الثاني وهو قول النسائيّ: "لا أعلم أحدًا روى هذا الحديث غير أبي داود وهو ثقة، ولا أحسب هذا الحديث إِلَّا خطأ" ففيه تخطئة الثّقات بالظنِّ، كما أن أبا داود لم ينفرد به، بل رواه أيضًا محمد بن سعيد بن الأصبهانيّ، ثنا حفص بن غيات، عن حُميد بن قيس، عن عبد الله بن شقيق عنها فذكرت مثله. رواه البيهقيّ (٢/ ٣٠٥) عن الحاكم، قال: أخبرني محمد بن صالح بن هانئ، ثنا السري بن خزيمة، ثنا محمد بن سعيد بن الأصبهاني به.
وعزاه الحافظ في "التلخيص" إلى ابن خزيمة أيضًا إِلَّا أني لم أجده في مظانه. وقد رواه ابن خزيمة في موضعين، باب صفة الصّلاة جالسًا إذا لم يقدر على القيام (٩٧٨) وفي باب التربع في الصّلاة إذا صلى المرءُ جالسًا (١٢٣٨) وفي كِلا الموضعين رواه من طريق أبي داود الحفري.
قال الحافظ بعد ذكر متابعة محمد بن سعيد بن الأصفهاني لأبي داود: "فظهر أنه لا خطأ فيه".
[٣١ - باب ذكر من نوى قيام الليل فغلبه النوم]
• عن عمر بن الخطّاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من نام عن حِزْبه، أو عن شيء منه، فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر، كتِب له كأنَّما قرأه من الليل".
صحيح: رواه مسلم في صلاة المسافرين (٧٤٧) من حديث ابن وهب، عن يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، عن السائِب بن يزيد وعبيدالله بن عبد الله، أخبراه عن عبد الرحمن بن عبدٍ القاريّ، قال: سمعت عمر بن الخطّاب فذكره.
والحزب: ما يجعله الرّجل على نفسه من قراءةٍ أو صلاةٍ.
• عن أبي الدّرداء يَبلغُ به النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "من أتى فِراشَهُ، وهو ينوي أن يقومَ فيُصَلِّي من الليل فغلبتْه عيناه حتَّى يُصبِحَ كُتِبَ له ما نوى، وكان نومُه صدقةً عليه من ربِّه".
حسن: رواه النسائيّ (١٧٨٧)، وابن ماجة (١٣٤٤) كلاهما عن هارون بن عبد الله الحمَّال، قال: حَدَّثَنَا الحسين بن عليّ الجُعفيّ، عن زائدة، عن سليمان الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عبدة بن أبي لُبابة، عن سُويد بن غَفَلَة، عن أبي الدّرداء فذكره.
وأخرجه ابن خزيمة (١١٧٢)، والحاكم (١/ ٣١١) من طريق حبيب بن أبي ثابت.
وأعلّه النسائيّ وابن خزيمة بالوقف.
وأمّا الحاكم فقالي: "صحيح على شرط الشّيخين ولم يخرجاه، والذي عندي أنهما أعلاه بتوقيف من روى عن زائدة" انتهى.
قلت: وهو كما قال فقد خالفه معاوية بن عمرو فرواه عن زائدة من قول أبي الدّرداء، أخرجه الحاكم.
ورواه أيضًا عبد الرزّاق (٤٢٢٨) عن سفيان عن عبدة بإسناده عن أبي ذرّ أو أبي الدّرداء موقوفًا.
وهذا الموقوف رواه أيضًا النسائيّ وابن خزيمة.