الحديث في الشّرق والغرب.
قال ابن حزم في "المحلي" (٧/ ٢٦٤ - ٢٦٥) بعد ذكر أقوال الفقهاء في إيجاب الدّم على من قدَّم شيئًا أو أخّر شيئًا: "كلّ هذه الأقوال في غاية الفساد؛ لأنّها كلّها دعاوية بلا دليل، لا من قرآن، ولا من سنة، ولا من قياس، ولا من رأي سديد".
وأمّا ما روي عن ابن عباس: من قدّم شيئًا من حجّه أو أخره فليهرق بذلك دمًا". فهو ضعيف كما قال ابن حزم في "المحلي" وابن عبد البر في التمهيد (٧/ ٢٧٧)، وابن حجر في الفتح (٣/ ٥٧٣). انظر للمزيد: "المنة الكبرى" ففيه كثير من التفاصيل.
وفي الباب عن أبي سعيد قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بين الجمرتين عن رجل حلق قبل أن يرمي، فقال: "لا حرج". وعن رجل ذبح قبل أن يرمي، قال: "لا حرج". ثم قال: "عباد الله، وضع الله عز وجل الحرج والضيق، وتعلموا مناسككم فإنّها من دينكم".
رواه الطحاوي في شرح المعاني (٢/ ٢٣٧) من طريق الحجاج، عن عبادة بن نسي، قال: حدثني أبو زبيد، قال: سمعت أبا سعيد الخدري، قال (فذكره). لم أستطع تعيين الحجّاج من هو؟
١١٨ - باب أنّ من ساق الهدي لا يحلق رأسه حتى ينحر
قال الله تعالى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: ١٩٦].
• عن حفصة أمّ المؤمنين، أنّها قالت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما شأن النّاس حلُّوا، ولم تحللْ أنت من عمرتك؟ فقال: "إنّي لبدتُ رأسي، وقلّدتُ هدي، فلا أحلّ حتى أنحر".
متفق عليه: رواه مالك في الحج (١٨٠) عن نافع، عن عبد الله بن عمر، عن حفصة، فذكرته.
ورواه البخاريّ في الحج (١٥٦٦)، ومسلم في الحج (١٢٢٩: ١٧٦) كلاهما من طريق مالك، به، مثله.
وهذا خاص للقارن الذي ساق الهدي بخلاف المتمتع والمفرد إن أراد الذبح أو القارن الذي لم يسق الهدي فهم مخيرون في التقديم والتأخير كما جاء في الأحاديث الصحيحة: "افعل ولا حرج".
وقيل: إنّ قوله - صلى الله عليه وسلم -: "افعل ولا حرج" يشمل جميع الحالات تيسيرًا من الله وتخفيفًا منه.
• عن نافع أنّ ابن عمر أراد الحج عام نزل الحجاج بابن الزبير فقيل له: إنّ النّاس كائن بينهم قتالٌ، وإنّا نخافُ أن يصدُّوكَ؟ فقال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} أصنع كما صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إني أشهدكم أني قد أوجبت عمرة ثم خرج حتى إذا كان بظاهر البيداء قال: ما شأن الحج والعمرة إلا واحد، اشهدوا (قال ابن رمح أشهدكم) أني قد أوجبت حجًّا مع عمرتي. وأهدى هديا اشتراه بقُدَيْد، ثم انطلق يُهلُّ بهما جميعًا، حتى قدم مكّة فطاف بالبيت وبالصّفا والمروة.