وقد توبع؛ فرواه أبو يعلى (٤٢١٧، ٤٢١٨) والقضاعي في مسند الشهاب (٥٩٦) من طرق، عن الحسن بن عبيد الله (هو ابن عروة النخعي)، ثقة فاضل، وقد تحرف في بعض المصادر إلى الحسين بن عبيد الله.
وكذلك تابعه أيضًا عاصم الأحول، عن ثعلبة بن عاصم، ومن طريقه رواه عبد الله بن الإمام أحمد في زياداته في "المسند" (٢٠٢٨٣)، وابن حبَّان (٧٢٨) كلاهما من طرق، عن نوح بن حبيب، قال: حَدَّثَنَا حفص بن غياث، عن عاصم الأحول، بإسناده نحوه.
وثعلبة بن عاصم هو أبو بحر مولي أنس، قال أبو حاتم: "صالح". وذكره ابن حبَّان في "الثّقات"، وروى عنه جمع، وهو حسن الحديث.
[١٧ - باب مثل المؤمن والكافر في إصابة البلاء]
• عن كعب بن مالك، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع، تُفيئها الرياح، تصرعها مرة، وتعدلها حتَّى يأتيه أجله، ومثل المنافق مثل الأرزة المُجذية التي لا يُصيبها شيءٌ حتَّى يكون انجعافها مرَّة واحدة".
متفق عليه: رواه البخاري في المرضى (٥٦٤٣)، ومسلم في صفات المنافقين (٢٨١٠)، كلاهما من حديث سفيان، عن سعد بن إبراهيم، عن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه، فذكر الحديث. واللّفظ لمسلم، ولفظ البخاريّ قريب منه.
قوله: "الخامة" هي الطاقة الطرية اللينة. قال الخليل: "الخامة: الزرع أول من ينبت على ساق واحد".
وقوله: "تُفيئها" أي تُميلها.
وقوله: "الأرزة" قال الخطّابي: "الأرزة -مفتوحة الراء-: واحدة الأَرز، وهو شجر الصنوبر فيما يُقال". وقال غيره: "هو شجر معتدل صلب، لا يُحرِّكه هبوب الريح".
وقوله: "انجعافها" أي: انقلاعها.
ومعنى الحديث كما قال المهلب: "أنَّ المؤمن حيث جاء أمر الله انطاع له، فإن وقع له خير فرح به وشكر، وإن وقع له مكروه صبر ورجا فيه الخير والأجر، فإذا اندفع عنه اعتدل شاكرًا. والكافر لا يتفقده الله باختباره، بل يحصل له التيسير في الدُّنيا، ليتعسَّر عليه الحال في المعاد، حتّى إذا أراد الله إهلاكهـ قصمه، فيكون موته أشد عذَابًا عليه، وأكثر ألمًا في خروج نفسه".
وقال غيره: "المعنى أنَّ المؤمن يتلقى الأعراض الواقعة عليه لضعف حظه من الدُّنيا، فهو كأوائل الزرع، شديد الميلان لضعف ساقه، والكافر بخلاف ذلك، وهذا في الغالب من حال الاثنين. انظر "الفتح" (١٠/ ١٠٧).