٢٨ - باب قوله: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٧٢)}
• عن عائشة قالت لعروة: يا ابن أختي كان أبواك منهم الزبير وأبو بكر، لما أصاب نبي اللَّه ما أصاب يوم أحد، وانصرف عنه المشركون، خاف أن يرجعوا فقال: "من يذهب في أثرهم؟ " فانتدب منهم سبعون رجلا، قال: كان فيهم أبو بكر والزبير.
متفق عليه: رواه البخاريّ في المغازي (٤٠٧٧) عن محمد (بن سلامة)، حدّثنا أبو معاوية، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، فذكرته.
ورواه مسلم في فضائل الصحابة (٢٤١٨: ٥١) من وجه آخر عن هشام مختصرا.
• عن ابن عباس قال: لما انصرف المشركون عن أحد، وبلغوا الروحاء قالوا: لا محمدا قتلتموه، ولا الكواعب أردفتم، وبئس ما صنعتم ارجعوا. فبلغ ذلك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فندب الناس فانتدبوا حتى بلغوا حمراء الأسد وبئر أبي عِنَبَة، فأنزل اللَّه تعالى: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ}.
وقد كان أبو سفيان قال للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: موعدك موسم بدر حيث قتلتم أصحابنا، فأما الجبان فرجع، وأما الشجاع فأخذ أهبة القتال والتجارة، فلم يجدوا به أحدًا وتسوقوا، فأنزل اللَّه تعالى: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} [آل عمران: ١٧٤].
صحيح: رواه النسائي في الكبرى (١١٠١٧) والطبراني في الكبير (١١/ ٢٤٧) كلاهما عن محمد بن منصور، عن سفيان، كلاهما عن عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس، فذكره.
قال الهيثمي في المجمع (٦/ ١٢١): "رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن منصور الجواز، وهو ثقة".
قلت: محمد بن منصور الجوَّاز الخزاعي ثقة، وثَّقه النسائي والدارقطني، وذكره ابن حبان في الثقات.
ولكن رواه ابن أبي حاتم في تفسيره (٣/ ٨١٨) وغيره عن سفيان، عن عمرو، عن عكرمة، قال: هكذا مرسلًا. ولذا يرى الحافظ ابن حجر في الفتح (٨/ ٢٢٨) بأن هذا هو المحفوظ.
قلت: محمد بن منصور ثقة، كما تقدم، وزيادة الثقة مقبولة عند جمهور أهل العلم، وحديث عائشة يشهد له.
وخلاصة القول: أن المشركين لما أصابوا ما أصابوا من المسلمين قصدوا الرجوع إلى بلادهم، ثم ندموا على فعلهم هذا، وعزموا الرجوع إلى المدينة لتدميرها. فلما بلغ ذلك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ندب المسلمين إلى الذهاب وراءهم لِيُرْعِبهم ويريهم قوة المسلمين وجلدهم، ولم يأذن لأحد