فمنهم من أخذتْه إلى قَدميه، ومنهم مَنْ أخذَتْه إلى نصف ساقيه، ومنهم من أخذته إلى ركبتيه، ومنهم من أَزَّرَتْه، ومنهم من أخذتْه إلى ثدييه، ومنهم من أخذته إلى عنقه، ولم تغشَ الوجُوه، فيستخرجونهم منها، فَيُطرحون في ماء الحياة". قيل: يا رسول اللَّه، وما الحياة؟ قال: "غُسْلُ أهل الجنّة، فينبتون نبات الزّرعة". وقال مرة فيه: "كما تنبت الزرعة في غثاء السّيل". "ثم يشفع الأنبياء في كلِّ من كان يشهد أن لا إله إلّا اللَّه مخلصًا، فيخرجونهم منها"، قال: "ثم يَتَحَنَّنُ اللَّه برحمته على مَنْ فيها، فما يترك فيها عبدًا في قلبه مثقالُ حَبَّةٍ من إيمان إلا أخرجه منها".
حسن: رواه الإمام أحمد (١١٠٨١) واللّفظ له، وابن خزيمة في التوحيد (٦٤٨)، وابن ماجه (٤٢٨٠) مختصرًا، والحاكم (٤/ ٥٨٥ - ٥٨٦) -وصحّحه- كلّهم من طريق محمد بن إسحاق، قال: حدّثني عبيد اللَّه بن المغيرة بن مُعيقيب، عن سليمان بن عمرو بن عبد العُتْواريّ -أحد بني ليث- وكان يتيمًا في حجر أبي سعيد، قال: سمعت أبا سعيد يقول (فذكره).
قال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه".
قلت: إسناده حسن؛ لأنّ فيه محمد بن إسحاق وقد صرَّح بالتحديث.
وأما قول الحاكم: "صحيح على شرط مسلم". فهذا وهم منه؛ لأنّ عبيد اللَّه بن المغيرة بن مُعيقيب وشيخه سليمان بن عمرو بن عبد العُتواريّ لم يخرِّج له مسلم غير أنّهما ثقتان.
١٠ - باب أوّل من يتجاوز الصّراط هم فقراء المهاجرين
• وعن ثوبان مولى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: كنت قائما عند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فجاء حَبْرٌ من أحبار اليهود، فقال: السّلام عليك يا محمّد! فدفعتُه دفعةً كاد يُصْرعُ منها. فقال: لِمَ تدفعني؟ فقلتُ: ألا تقولُ: يا رسول اللَّه؟ فقال اليهوديُّ: إنّما ندعوه باسمه الذي سمّاه به أهلُه. فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنّ اسمي محمّد الذي سمّاني به أهلي". فقال اليهوديُّ: جئتُ أسألُك. فقال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أينفَعُك شيءٌ إن حدّثْتُك؟ ". قال: أسمع بأُذني، فَنَكَتَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعُودٍ معه فقال: "سَلْ". فقال اليهوديُّ: أين يكون النّاسُ يوم تُبدَّل الأرض غيرَ الأرض والسماواتُ؟ فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هم في الظُّلْمة دون الجسر". قال: فمن أوّل النّاس إجازةً؟ قال: "فقراء المهاجرين". قال اليهوديُّ: فما تحفتهم حين يدخلون الجنّة؟ قال: "زيادة كبدِ النُّون". قال: فما غذاؤهم على إثْرها؟ قال: "يُنحر لهم ثورُ الجنّة الذي كان يأكل من أطرافها". قال: فما شرابُهم عليه؟ قال: "من عين فيها تُسمّى سلسبيلًا". قال: صدقت".