وأما ما روي عن عبد الله بن عمر أنه كان في سرية من سرايا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فحاص الناس حيصة فكنت فيمن حاص، فلما برزنا قلنا: كيف نصنع وقد فررنا من الزحف وبؤنا بالغضب؟ فقلن: ندخل المدينة فنتثبت فيها ونذهب ولا يرانا أحدٌ قال: فدخلنا فقلنا: لو عرضنا أنفسنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن كانت لنا توبة أقمنا، وإن كان غير ذلك ذهبنا، قال: فجلسنا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل صلاة الفجر، فلما خرج، قمنا إليه، فقلنا: نحن الفرارون فأقبل إلينا فقال: لا، بل أنتم العكارون. قال: فدنونا فقبلنا يده فقال: "أنا فئة المسلمين". فهو ضعيف.
رواه أبو داود (٢٦٤٧)، والترمذي (١٧١٦)، وأحمد (٥٣٨٤)، والبخاري في الأدب المفرد (٩٧٢)، كلهم من طرق عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عبد الله بن عمر .. فذكره. والسياق لأبي داود.
ورواه ابن ماجه (٣٤٠٧) من طريق يزيد به مقتصرًا على ذكر التقبيل فقط.
ويزيد بن أبي زياد هو الهاشمي مولاهم ضعيف باتفاق أهل العلم.
وقوله:"فحاص الناس حيصة" بحاء وصاد مهملتين أي جالوا جولة جولة يطلبون الفرار.
وقوله:"بؤنا" بضم الباء على وزن قلنا من باء بالغضب أي رجع به.
وقوله:"أنتم العكارون" أي العائدون إلى القتال والعاطفون عليه.
وقوله:"فئتكم" الفئة الجماعة التي تكون وراء الجيش، يلتجئ إليها الجيش إن وقع بهم هزيمة.
[٤٤ - باب التنازع والعصيان في الحرب من أسباب الهزيمة]
قال قتادة: الريح الحرب. ذكره البخاري (٦/ ١٦٣ مع الفتح).
• عن البراء بن عازب أنه قال: جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - على الرجالة يوم أحد - وكانوا خمسين رجلا - عبد الله بن جبير، فقال:"إن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا مكانكم هذا حتى أرسل إليكم، وإن رأيتمونا هزمنا القوم وأوطأناهم فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم"، فهزموهم، قال: فأنا والله رأيت النساء يشتددن قد بدت خلاخلهن وأسوقهن رافعاتٍ ثيابهن، فقال أصحاب عبد الله بن جبير: الغنيمة أي قوم الغنيمة ظهر أصحابكم ما تنتظرون؟ فقال عبد الله بن جبير: أنسيتم ما قال لكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالوا: والله لنأتين الناس، فلنصيبن من الغنيمة، فلما أتوهم صرفت وجوههم، فأقبلوا منهزمين، فذاك إذ يدعوهم الرسول في أخراهم، فلم يبق مع النبي - صلى الله عليه وسلم - غير اثني