والواحدي في أسباب النزول (ص: ٩٩) والحاكم (٢/ ٣٠٥، ٣٠٦، ٤١٦) كلهم من طريق ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن أم سلمة، فذكرته.
وقال الترمذيّ: هذا حديث مرسل، ورواه بعضهم عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مرسل، أن أم سلمة قالت كذا وكذا.
وقال الحاكم: "صحيح الإسناد على شرط الشيخين إن كان سمع مجاهد من أم سلمة".
قلت: نعم، سمع مجاهد من أم سلمة، لأنه ولد سنة ٢١ هـ، وماتت أم سلمة سنة ٦٠ هـ، ومجاهد لم يتهم بالتدليس، فقوله عن أم سلمة يحمل على الاتصال.
• عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ} قال: أتت امرأة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقالت: يا نبي اللَّه، للذكر مثل حظ الأنثيين، وشهادة امرأتين برجل، أفنحن في العمل هكذا، إن عملت امرأة حسنة كتبت له نصف حسنة؛ فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية: {وَلَا تَتَمَنَّوْا} فإنه عدل مني وأنا صنعته.
حسن: رواه ابن أبي حاتم في تفسيره (٣/ ٩٣٥) والضياء في المختارة (١٠/ ١١٦ - ١١٧) كلاهما من حديث الأشعث بن إسحاق، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فذكره.
وإسناده حسن من أجل الأشعث بن إسحاق، وهو القمي، وشيخه جعفر بن أبي المغيرة، فإنهما حسنا الحديث.
وقوله: "فإنه عدل مني وأنا صنعته" أي: إنه تأكيد من اللَّه تعالى بأنه هو الذي جعل للذكر مثل حظ الأنثيين عدلا منه سبحانه وتعالى.
وقد ذهب بعض العلماء إلى أن عمل المرأة نصف عمل الرجال، لأن اللَّه تعالى نهى أن تتمنى المرأة ما فضل اللَّه به الرجل، وكذلك نهى أن يتمنى الرجل أن يقول: ليت لي مال فلان وأهله، ولكن ليسأل اللَّه من فضله، قاله ابن عباس في تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ}.
١٩ - باب قوله: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (٣٣)}
• عن ابن عباس: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} قال: ورثة. {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} كان المهاجرون لما قدموا المدينة يرث المهاجريُّ الأنصاريَّ دون ذوي رحمه، للأخوة التي آخى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بينهم، فلما نزلت: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} من النصر والرفادة