عبد الرحمن الزرقيّ، عن الزّهريّ، عن سعيد بن المسيب، أو أبي سلمة، عن أبي هريرة فذكره.
وقال: "هذا حديث باطل، وعبسي هذا أبو عباد لا أعرف له حديثًا صحيحًا.
وقال ابن عدي: "يروي المناكير عن الزهري".
فقه الحديث: يستفاد من أحاديث الباب أن خمس رضعات فما فوقها هي المحرمة، وبه قال أحمد والشافعي وإسحاق ومعظم أهل الحديث.
قال الإمام أحمد: "إن ذهب ذاهب إلى قول عائشة في خمس رضعات فهو مذهب قوي".
والمراد بالخمس الرضعات هنا: خمس مصّات، فإذا مصَّ الطفلُ ثدي المرأة، ثمّ تركهـ باختياره فهذه رضعة واحدة، ثمّ عاد إليه، فهذه رضعة ثانية، ثمّ عاد إلى المص، ثمّ تركه للتنفس، أو للانتقال إلى ثدي آخر، فهذه ثالثة، وهكذا الرابعة والخامسة أيضًا، وليس المراد منه كما يَفْهم بعضُ الناس أن الشبع في فترةٍ واحدةٍ تُعتبر رضعةٌ واحدةٌ، ولو مصر خمس مرات أو أكثر، فعلي قولهم يجب أن يشبع خمس مرات، ولو كثر عدد الرضعات، وإنما الصَّحيح هو عدد المصات لا عدد الشبعات.
وبه أفتتِ اللجنةُ الدائمةُ للفتوى للمملكة العربية السعودية، وقالت اللجنة: "ولو وصل اللبن إلى جوف الطفل بغير الإرضاع، كأن يُقطر في فمه، أو يشربه في إناء ونحوه، فحكمه حكم الرضاع بشرط أن يحصل من ذلك خمس مرات. ولو لم يحصل الشبع في بعض المرات حُسبتْ رضعة، وهكذا حتَّى تتم خمسُ رضعات، فإذا نقص ولو رضعة واحدةٌ فإنها لا تُحرِّم".
وقالت اللجنة: "وسواء ارتضع من الثدي، أو شربه في إناء خمس جرعات".
وقالت اللجنة: "وإن حصل الشك في عدد الرضعات هل هي خمس أو أقل؟ فالأصل عدم الرضاع، فلا يحرم". انتهى.
والقول الثاني: إن رضعةً واحدةً تُحرِّم بظاهر القرآن في قوله تعالى: {وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: ٢٣].
وبه قال أبو حنيفة ومالك، وتركا لذلك الأحاديثَ الصحيحةَ بحجة إنها زيادة على القرآن.
والقول الثالث: لا تُحرّمه أقل من ثلاث رضعات لقول النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا تحرِّمُ المصة والمصتان". وبه قال داود الظاهري.
والصحيح هو القول الأوّل لوجود أدلة صحيحة واضحة من السنة الصحيحة، وهي ليست زائدة على القرآن، بل هي مُخصّصة لمطلقه مثل أحكام الصّلاة والزكاة والصوم والحج وغيرها. وبالله التوفيق.
٥ - باب ما جاء في رَضاعة الكبير
• عن عائشة أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس - وكان ممن شهد بدرًا