قلت: هذه العلة غير قادحة؛ فإن فاطمة كان عمرها (١١ سنة) وهي كانت بالمدينة فلقاءهما ممكن.
وأمّا رواية يحيى القطان ففيه يحيى بن عبد الرحمن لم أعرف من هو؟ وفي الإسناد أيضًا انقطاع فلا يعتمد عليه.
وقد صحح هذا الحديث أيضًا الحاكم، وابن القيم، وسكت عليه الحافظ في الفتح بعد أن نقل حكم الترمذيّ بأنه: حسن صحيح.
وقوله: "فتق الأمعاء" أي شقَّها، ودخل فيها بحيث صار غذاء للولد.
وقوله: "في الثدي" أي في زمن الثدي.
قال الحافظ ابن القيم في زاده (٥/ ٥٨٠): "وهذه لغة معروفة عند العرب، فإن العرب يقولون: فلان مات في الثدي، أي: في زمن الرضاع قبل الفطام، ومنه الحديث المشهور: "إن إبراهيم مات في الثدي، وإن له مُرْضِعًا في الجنّة تُتِمُّ رضاعَه" يعني إبراهيم ابنه صلوات الله وسلامه عليه، قالوا: وأكد ذلك بقوله: "لا رضاعَ إِلَّا ما فتقَ الأمعاءَ، وكان في الثدي قبل الفِطام".
وفي الباب ما رُوي عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا رضاعَ إِلَّا ما كان في الحولين".
رواه الدَّارقطنيّ (٤/ ١٧٤) والبيهقي (٧/ ٤٦٢) كلاهما من حديث أبي الوليد بن برد الأنطاكيّ، نا الهشم بن جميل، نا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس فذكره.
قال الدَّارقطنيّ: "لم يُسنده عن ابن عيينة غير الهيثم بن جميل، وهو ثقة حافظ".
ونقل البيهقيّ عن ابن عدي أنه قال: "هذا يعرف بالهيثم بن جميل، عن ابن عيينة مسندًا، وغير الهيثم يُوقِف على ابن عباس".
قلت: وهو كما قال: فقد رواه سعيد بن منصور، عن ابن عيينة موقوفًا.
والهيثم بن جميل وإن كان ثقة حافظا كما قال الدارقطنيّ، إِلَّا أنه وهم في رفع هذا الحديث، والصحيح وقفه على ابن عباس.
وفي معناه ما رُوي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تحرّم من الرضاعة المصّةُ والمصّتان، ولا يحرّمُ منه إِلَّا ما فتقَ الأمعاء".
رواه البزّار - كشف الأستار - (١٤٤٤)، والبيهقي (٧/ ٤٥٥) كلاهما من حديث محمد بن إسحاق، عن إبراهيم بن عقبة، عن حجَّاج بن حجَّاج، عن أبي هريرة فذكره.
قال البزّار: "لا نعلمه بهذا اللّفظ إِلَّا بهذا الإسناد، وحجاج بن حجَّاج رُوي عن أبيه وأبي هريرة، وروى عنه عروة وهو معروف".
وقال البيهقيّ: "ورواه الزهري وهشام عن عروة موقوفًا على أبي هريرة بعض معناه.
وقد رُويَ من أوجه أخرى أضعف من هذا.
ومنها: ما ذكره أبو حاتم في "العلل" (١/ ٤١٧) فإنه ذكره من طريق ابن لهيعة، عن عيسى بن