وأخرجه البيهقي (٤/ ١٣٩) من وجه آخر عن مساور الورّاق، وقال: قال البخاريّ: "مرسل".
وكذا قاله أيضًا الزّيلعيّ في "نصب الراية" (٢/ ٤٧٤) وعزا قول البخاريّ في تاريخه.
وأثر آخر أخرجه عبد الرزاق عن ابن مسعود قال: "في الحلي زكاة".
وأثر آخر أخرجه الدارقطني (١٩٥٧) عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه أنه كان يكتب إلى خازنه سالم: أن يخرج زكاة حلي بناته كلّ سنة، ورواه ابن أبي شيبة عن وكيع، عن جرير بن حازم، عن عمرو بن شعيب، عن عبد الله بن عمرو أنه كان يأمر نساءه أن يُزكّين حُليّهن.
وقد حكى ابن المنذر عن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عمرو، وعبد الله ابن عباس الزّكاة في الحليّ.
قال الخطّابي في "معالم السنن شرح أبي داود": "الظاهر من الكتاب يشهد لقول من أوجبها، والأثر يؤيده، ومن أسقطها ذهب إلى النظر، ومعه طرف من الأثر، والاحتياط أداؤها".
[٦ - باب العروض التي للتجارة فيها الزكاة]
قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [البقرة: ٢٦٧].
أورد الإمام البخاريّ هذه الآية تحت باب "باب صدقة الكسب والتجارة" ولم يورد تحته أيّ حديث ولا أثر. وكأنه لم يثبت عنده شيء من السنة تحت هذا الباب، ولما كانت الآية صريحة في إيجاب الزكاة على أموال التجارة فاكتفى بإيراد الآية.
والظاهر كذلك فإنه لم يرد في الباب من الأحاديث الصحيحة توجب الزكاة في أموال التجارة، وإن كان انعقد الإجماع على وجوب الزكاة في ذلك من الصّحابة والتابعين ومن بعدهم لقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: ١٠٣].
والأموال هنا عامة تشمل كل ما يملكه مسلم، ومنه مال التجارة، وقد استدل بعض أهل العلم من قول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "أما خالد فإنّكم تظلمون خالدًا، وقد احتبس أدراعه وأعتُده في سبيل الله". رواه البخاريّ (١٤٦٨)، ومسلم (٩٨٣).
والأعتُد: جمع العتاد، وكذلك الأعتاد، وهو ما أعدّه خالد من السّلاح والدّواب والآلات للحرب، ولما كانت هذه الآلات عنده للتجارة طلبوا منه زكاة التجارة، فأخبر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قد جعلها حبسًا في سبيل الله، فلا زكاة عليه فيها.
وفيه دليل على وجوب زكاة التجارة. انظر: "شرح السنة" (٦/ ٣٤).
وأمّا ما رواه أبو داود (١٥٦٢) عن محمد بن داود بن سفيان، حدثنا يحيى بن حسان، حدّثنا سليمان بن موسى أبو داود، حدثنا جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب، حدثني خبيب بن سليمان، عن أبيه، عن سمرة بن جندب، قال: "أمّا بعد، فإنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأمرنا أن نخرج الصّدقة من