مجلز فذكره.
وهذا إسناد صحيح إِلَّا أنه مرسل فيما قاله يحيى بن معين حين سئل عنه، ولكنه يقوي الذي قبله، وله أسانيد أخرى عند النسائيّ وغيره إِلَّا أن ما ذكرته وهو أصحها.
وأمّا ما رُوي بأن قيامه - صلى الله عليه وسلم - كان تأذّيًا بريح اليهودي فهو إما ضعيف، وإما منقطع، ولا يصح منه شيء.
فقه الباب:
قول النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إن الموت فزع" وقوله: "أليست نفسًا" دليل على قيام النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - للجنازة، فإن كانت هذه العلة للقيام فهي باقية. فما جاء في حديث عليّ بن أبي طالب بأنه - صلى الله عليه وسلم - قام ثمّ قعد دليل على استحباب القيام لا الوجوب، فإن حديث عليّ بن أبي طالب لا يكون ناسخًا إن كانت العلة للقيام كما سبق، وقد قيل غير ذلك، والذي ذكرته هو أولي.
وأمّا ما رُوي عن عبادة بن الصَّامت قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوم في الجنازة حتّى توضع في اللحد، فمر به حَبْرٌ من اليهود فقال: هكذا نفعل. فجلس النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وقال: "اجلسوا خالفوهم" فهو ضعيف.
رواه أبو داود (٣١٧٦)، والتِّرمذيّ (١٠٢٠)، وابن ماجة (١٥٤٥) كلّهم من طريق أبي أسباط الحارثي (وهو بشر بن رافع) عن عبد الله بن سلمان بن جنادة بن أبي أمية، عن أبيه، عن جده، عن عبادة بن الصَّامت فذكره.
وفيه سلسلة الضعفاء أولهم أبو أسباط الحارثي بشر بن رافع ضعيف، ضعَّفه أحمد والنسائي وأبو حاتم، والبزّار، والدارقطني وغيرهم، وقال البخاريّ: لا يتابع في حديثه.
وشيخه عبد الله بن سليمان بن جنادة "ضعيف" أيضًا، وأبوه سليمان بن جنادة "منكر الحديث" كما قال أبو حاتم والبخاري.
ولو صحَّ هذا الحديث لكان دليلًا لنسخ أحاديث الباب السابق، ولكنه لم يصح. قال الحافظ في "الفتح" (٣/ ١٨١): "فلو لم يكن إسناده ضعيفًا لكان حجة في النسخ".
[٨ - باب الجلوس عند القبر]
• عن البراء بن عازب قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر، ولم يُلحد بعد، فجلس النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - مستقبل القبلة، وجلسنا معه.
حسن: رواه أبو داود (٣٢١٢)، والنسائي (٢٠٠١)، وابن ماجة (١٥٤٩) كلّهم من طريق المنهال بن عمرو، عن زاذان، عن البراء فذكر الحديث واللّفظ لأبي داود، وزاد ابن ماجة: "كأن على رؤوسنا الطير".