أهل العلم أن زكاة الفطر واجبة، كما دلّت عليه الأحاديث السابقة.
ولذلك قال البيهقي (٤/ ١٥٩): "وهذا لا يدل على سقوط فرضها، لأن نزول فرض لا يوجب سقوط آخر. وقد أجمع أهل العلم على وجوب زكاة الفطر، وإن اختلفوا في تسميتها فرضًا، فلا يجوز تركها".
قلت: وهو يشير بذلك إلى ما قال به الحنفية بأن صدقة الفطر واجبة، ليست بفريضة، والواجب عندهم أحطّ رتبة من الفريضة.
قال الحافظ ابن حجر بعد أن تكلّم على الإسناد بأن فيه راويا مجهولًا: "وعلى تقدير الصحة فلا دليل فيه على النسخ الاحتمال الاكتفاء بالأمر الأوّل".
ثم اختلف أهل العلم في شرط ملك النصاب فذهب الجمهور إلى أنه لا يشترط فيه النصاب، بل هي واجبة على الفقير والغني.
وذهب الحنفية إلا أنه لا تجب إلا على من يملك نصابًا، لأنّ من حلّت له الصدقة لا تجب عليه صدقة الفطر.
[٣ - باب زكاة الفطر صاع من طعام البلد]
• عن أبي سعيد الخدريّ، قال: كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيِرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ وَذَلِكَ بِصَاعِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -.
متفق عليه: رواه مالك في الزكاة (٥٣) عن زيد بن أسلم، عن عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح العامريّ، أنّه سمع أبا سعيد الخدريّ، فذكر الحديث.
ورواه البخاريّ في الزكاة (١٥٠٦) عن عبد الله بن يوسف، ومسلم في الزكاة (٩٨٥) عن يحيي أبن يحيى، كلاهما عن مالك.
قوله: "وذلك بصاع النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، لم يرد في الصحيحين.
• عن أبي سعيد الخدري، قال: كُنَّا نُخْرِجُ إِذْ كَانَ فَينَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ كُلِّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ حُرٍّ أَوْ مَمْلُوكٍ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مَنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ. فَلَمْ تَزَلْ نُخْرِجُهُ حَتَّى قَدِمَ عَلَيْنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا فَكَلَّمَ النَّاسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَكَانَ فِيمَا كَلَّمَ بِهِ النَّاسَ أَنْ قَالَ: إِنِّي أَرَى أَنَّ مُدَّيْنِ مِنْ سَمْرَاءِ الشَّامِ تَعْدِلُ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ فَأَخَذَ النَّاسُ بِذَلِكَ. قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَأَمَّا أَنَا فَلا أَزَالُ أُخْرِجُهُ كَمَا كُنْتُ أُخْرِجُهُ أَبَدًا مَا عِشْتُ.
صحيح: رواه مسلم في الزكاة (٩٨٥) عن عبد الله بن مسلمة بن قعنب، حدثنا داود (يعني ابن قيس)،