وإنَّما ضعَّف البخاري هذا الحديث لسببين:
أحدهما: أن حكيمًا لا يتابع في حديثه، يعني هذا، وقد عرفت أن حكيمًا ثقةٌ، أو صدوقٌ فلا يضرّ عدم المتابعةِ له.
والثاني: أنه قال في "التاريخ الكبير" (٤/ ٦٧): "لا نعلم لأبي تميمة سماعًا من أبي هريرة".
وأبو تميمة ثقة غير مُدلِّس توفي عام (٩٥، وقيل ٩٧) ومات أبو هريرة عام (٥٨)، والمعاصرة تكفي الثبوت اللقاء إذا لم يكن الرجل مدلِّسًا على رأي الجمهور.
وقد نقل المُناوي عن الحافظ العراقي أنه قال في "أماليه": "حديث صحيح". وعن الذهبي أنه قال: "إسناده قوي". وقال في الكاشف: "حكيم الأثرم صدوق".
وروى الحاكم في المستدرك (١/ ٨) جزءًا من الحديث، وهو "من أتى كاهنا أو عرّافا فصدَّقه فيما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - " من حديث الحارث بن أبي أسامة، ثنا روح بن عبادة، ثنا عوف، عن خلاس ومحمد، عن أبي هريرة. وقال: صحيح على شرطهما جميعًا من حديث ابن سيرين.
وهو كما قال، إلَّا أن خلاسًا لم يسمع من أبي هريرة، ولكنه تابعه محمد بن سيرين، وهذه المتابعة تقوي بما قبله.
وللحديث شواهد عن عمر بن الخطاب، وخزيمة بن ثابت، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعلي بن طلق، وابن عباس، وغيرهم، ومن أهل العلم من ذهب إلى ضعف الحديث من أجل متنه، بحجة أن إتيان الحائض، أو إتيان المرأة في دبرها ليس بكفر، فأجيب بأن معنى الحديث عند أهل العلم التغليظ لهذا العمل، لا التكفير به.
قال الترمذي عقب تخريج الحديث: "فلو كان إتيان الحائض كفرًا لم يؤمر فيه بالكفارة".
قلت: حديث الكفارة رواه أصحاب السنن عن ابن عباس وهو ضعيف.
١٥ - باب المرأة ترى الكُدرةَ والصُفرةَ بعد الطهر
• عن أم عطية قالت: كنّا لا نَعُدّ الكدرة والصفرةَ شيئًا.
صحيح: رواه البخاري في الحيض (٣٢٦) عن قتيبة: ثنا إسماعيل، عن أيوب، عن محمد، عن أمِّ عطيَّة .. فذكرته.
وفي سنن أبي داود (٣٠٧): كنا لا نعد الكُدرةَ والصفرةَ بعد الطهر شيئًا. وكانت أم عطية بايعت النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وبه بوّب البخاري قائلًا: باب الصفرةِ والكُدرةِ في غير أيام الحيض.
ويعني بذلك أن الكدرة والصفرة في أيام الحيضٌ حيضٌ جمعًا بينه وبين قول عائشة: لا تَعجلنَ حتَّى ترين القَصَّةَ البيضاء. فإنَّ النساء كن يبعثن إلى عائشة بالدُّرجة فيها الكرسف، فيه الصفرةُ من