مالٍ، ولا يرثني إلَّا ابنة لي، أفأَتَصدَّقُ بثُلُثَي مَالِي؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا" فقلت: فالشَّطْرُ؟ قال:"لا" ثم قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "الثُّلُثُ، والثلث كثير، إنك أنْ تَذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرَهم عالة يتكفَّفُون الناس، وإنك لن تُنفِقَ نفقَة تبتغي بها وجه الله، إلَّا أُجرتَ، حتى ما تجعل في فِي امرأتِكَ" قال: فقلتُ: يا رسول الله! أُخَلَّفُ بعد أصحابي؟ فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ، فَتَعملَ عملًا صالِحًا، إلَّا ازْدَدْتَ به درجةً ورِفْعَةً. ثُم لعلك أن تُخَلَّفَ حتى ينتفِعَ بك أقوامٌ ويُضَرَّ بك آخرُون. اللَّهمَّ! أَمْضِ لأصحابي هِجْرَتَهُم، ولا تردهم على أعقابهم، لكن البائسُ سعد بن خولة"، يَرْثِي له رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أنْ ماتَ بمَكَّة.
متفق عليه: رواه مالك في الوصية (٤) عن ابن شهاب، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه أنَّه قال: فذكر الحديث.
ورواه البخاري في الجنائز (١٢٩٥) عن عبد الله بن يوسف، عن مالك به مثله.
ورواه مسلم في الوصية (١٦٢٨) من طرق عن ابن شهاب بإسناده مثله.
وقوله:"لكن البائسُ سعد بن خولة" البائس: اسم فاعل من بئس يبأس إذا أصابه بؤس، وهو الضرر، وسعد بن خولة هو: زوج سبعة الأسلمية، وهو رجل من بني عامر بن لؤي، أنَّه هاجر إلى المدينة وشهد بدرًا وغيرها ثم رجع إلى مكة مختارًا، وتوفي بها في حجة الوداع، فرثى له النبي - صلى الله عليه وسلم -. فتحرَّج سعد بن أبي وقاص والمهاجرون من أن يموتوا بمكة.
وأما قوله:"يرثي له رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن مات بمكة" فقيل: إنه من كلام سعد بن أبي وقاص، وقيل: إنه من كلام الزهري وعليه أكثر الناس.
[٢١ - باب ما جاء في التعزية]
• عن عبد الله بن جعفر أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أمهل آل جعفر ثلاثًا أن يأتيهم، ثم أتاهم فقال:"لا تبكوا على أخي بعد اليوم" ثم قال: "ادعوا لي بني أخي" فجئ بنا كأنَّا أفْرخ، فقال:"ادعو لي الحلاق" فأمره فحلق رؤوسنا.
وزاد أحمد في روايته: ثم قال: "أما محمد فشبيه عمنا أبي طالب، وأما عبد الله فشبيه خَلقي وخُلقي" ثم أخذ بيدي فأشالها فقال: "اللَّهم! اخلُف جعفرًا في أهله، وبارك لعبد الله في صفْقَة يمينه" قالها ثلاث مرات. قال: فجاءت أمنا، فذكرت له يُتْمنا، وجعلتْ تُفْرِح له، فقال:"العيلة تخافين عليهم، وأنا وَلِيُّهم في الدّنيا والآخرة".
صحيح: رواه أبو داود (٤١٩٢)، والنسائي (٥٢٢٧) كلاهما من حديث وهب بن جرير، قال: