كفها فوق حاجبها. ثم رفعتْ رأسها إليه تدعوه. فقالت: يا جريج، أنا أمك. كلِّمْني، فصادفته يصلي. فقال: اللهم أمي وصلاتي. فاختار صلاته، فرجعت ثم عادتْ في الثانية فقالت: يا جريج، أنا أمك، فكلمني، قال: اللهم، أمي وصلاتي. فاختار صلاته، فقالت: اللهم، إن هذا جريج، وهو ابني، وإني كلمته فأبى أن يكلمني، اللهم! فلا تمته حتى تريه المومسات. قال: ولو دعت عليه أن يفتن لفتن. قال: وكان راعي ضأن يأوي إلى ديره قال: فخرجت امرأة من القرية فوقع عليها الراعي. فحملت فولدت غلامًا. فقيل لها: ما هذا؟ قالت: من صاحب هذا الدير، قال: فجاؤوا بفؤسهم ومساحيهم، فنادوه فصادفوه يصلي، فلم يكلّمهم، قال: فأخذوا يهدمون ديره، فلما رأى ذلك نزل إليهم، فقالوا له: سل هذه، قال: فتبسم ثم مسح رأس الصبي فقال: من أبوك؟ قال: أبي راعي الضأن، فلما سمعوا ذلك منه قالوا: نبني ما هدمنا من ديرك بالذهب والفضة، قال: لا، ولكن أعيدوه تُرابا كما كان، ثم علاه).
صحيح: رواه مسلم في البر والصلة (٢٥٥٠) عن شيبان بن فروخ، حدثنا سليمان بن المغيرة، حدثنا حميد بن هلال، عن أبي رافع، عن أبي هريرة .. فذكره.
٨ - باب الأربعة الذين تكلّموا في المهد وقصة أصحاب الأخدود
• عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة: عيسى بن مريم، وصاحب جريج، وكان جريج رجلًا عابدًا، فاتخذ صومعة، فكان فيها، فأتته أمه وهو يصلي، فقالت: يا جريج، فقال: يا رب، أمي وصلاتي، فأقبل على صلاته، فانصرفت. فلما كان من الغد أتته وهو يصلي، فقالت: يا جريج، فقال: يا رب، أمي وصلاتي، فأقبل على صلاته، فانصرفت. فلما كان من الغد أتته وهو يصلي، فقالت: يا جريج، فقال: أي رب، أمي وصلاتي، فأقبل على صلاته، فقالت: اللهم، لا تمته حتى ينظر إلى وجوه المومسات. فتذاكر بنو إسرائيل جريجًا وعبادته، وكانت امرأة بغي يتمثل بحسنها، فقالت: إن شئتم لأفتننه لكم، قال: فتعرضت له فلم يلتفت إليها، فأتت راعيًا كان يأوي إلى صومعته فأمكنته من نفسها، فوقع عليها، فحملت، فلما ولدت قالت: هو من جريج، فأتوه فاستنزلوه وهدموا صومعته وجعلوا يضربونه، فقال: ما شأنكم؟ قالوا: زنيتَ بهذه البغي، فولدت منك، فقال: أين الصبي؟ فجاؤوا به، فقال: دعوني حتى أصلي، فصلى، فلما انصرف أتى الصبي فطعن في بطنه: وقال: يا غلام، من أبوك؟ قال: فلان الراعي، قال: فأقبلوا