وقول ابن عمر: "من السنة" أي من المرفوع، كما قال جمهور أهل العلم بأن قول الصحابي: من السنة يراد به المرفوع.
وفي الباب ما روي عن ابن عباس قال: اغتسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم لبس ثيابه، فلما أتي ذا الحليفة صلى ركعتين، ثم قعد على بعيره، فلما استوى به على البيداء أحرم بالحج.
رواه الدارقطني (٢٤٣٢)، والحاكم (١/ ٤٤٧) وعنه البيهقي (٥/ ٣٣) عن يعقوب بن عطاء بن أبي رباح، عن أبيه، عن ابن عباس، فذكره.
قال البيهقي: يعقوب بن عطاء غير قوي.
قلت: وهو كما قال، فقد ضعّفه أبو زرعة والنسائي، وابن معين وغيرهم. وقال أحمد: "منكر الحديث" لأنّ الصحيح الثابت أنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بات في ذي الحليفة فأصبح واغتسل ولبس الإحرام.
وأحاديث الباب تدل على مشروعية الغسل للإحرام، وهو سنة مؤكدة لدى الأئمة الأربعة وجمهور الفقهاء، فإن توضأ ولم يغتسل فلا بأس به.
وأما الحائض والنفساء ففي حقهنّ الغسل آكد من غسل الرجال والنساء الطاهرات وليس بواجب. انظر: "المنة الكبري" (٣/ ٥٣٨).
[٢ - باب استعمال الطيب والادهان عند الإحرام]
• عن عائشة، أنها قالت: كنتُ أطيّب رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لإحرامه قبل أن يحرم، ولحلّه قبل أن يطوف بالبيت.
متفق عليه: رواه مالك في الحج (١٧) عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، به.
ورواه البخاريّ في الحج (١٥٣٩)، ومسلم في الحج (١١٨٩: ٣٣) كلاهما من طريق مالك، به، مثله.
• عن عائشة قالت: كأنّي أنظر إلى وَبيص الطّيب في مَفْرَق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم.
متفق عليه: رواه البخاري في الحج (١٥٣٨)، ومسلم في الحج (١١٩٠: ٣٩) كلاهما من طريق منصور، عن إبراهيم النخعيّ، عن الأسود، عن عائشة، به، واللفظ لمسلم.
وقولها: "وبيص الطيب" وفي رواية أخرى: "وبيص المسك" أي بريقه. يقال: وبص الشيء وبصَّ بصيصًا إذا برق. ذكره الخطابيّ.
وفي الحديث دليل على أن الطيب لو بقي أثره على المحرم في حال إحرامه لا يضره خلافًا لمن كره استعمال الطيب عند الإحرام، أو لمن كره بقاء أثره بعد الإحرام.
وأما ما رواه ابن ماجه (٢٩٢٨) من طريق شريك، عن أبي إسحاق السبيعي، عن الأسود، عن