شِباغا لُبّنا، فنحلب ونثرب، وما يحلب إنسان قطرة لبن، ولا يجدها في ضرع، حتى كان الحاضرون من قومنا يقولون لرعيانهم: ويلكم اسرحوا حيث يسرح راعى بنت أبي ذؤيب، فتروح أغنامهم جياعًا ما تبض بقطرة لبن، وتروح غنمي شباعا لبّنا. فلم نزل نتعرف من الله الزيادة والخير حتى مضت سنتاه وفصلته، وكان يشِبُّ شبابًا لا يشبّه الغلمان، فلم يبلغ سنتيه حتى كان غلامًا جفرًا. قالت: فقدمنا به على أمه ونحن أحرص شيء على مُكثه فينا، لما كنا نرى من بركته. فكلّمنا أمه وقلت لها: لو تركت بنيّ عندي حتى يغلظ، فإني أخشى عليه وبأ مكة، قالت: فلم نزل بها حتى ردته معنا.
ذكره ابن هشام في السيرة (١/ ١٦٢ - ١٦٤) وقال الذهبي في تاريخ الإسلام (١/ ٤٩٨): "هذا حديث جيد الإسناد".
وقال ابن كثير في البداية والنهاية (٢/ ٢٧٥): "وهذا الحديث قد رُوي من طرق أخرى، وهو من الأحاديث المشهورة المتداولة بين أهل السير والمغازي".
يعني أن الإسناد الذي ساقه ابن إسحاق وإن كان فيه علل ولكن شهرته تُغني عن الرواية. لأن جهم بن أبي جهم لا يعرف كما قال الذهبي نفسه في "الميزان". ثم هل هو سمع من عبد الله بن جعفر بن أبي طالب أو سمع عمن حدثه عنه. وكل هذه العلل تُضعف الخبر ولكن أكد الحافظ ابن كثير أن له طرقا أخرى تُقوّي هذا الخبر. والله تعالى أعلم بالصواب.
[١٠ - باب في معجزة شق الصدر وهو غلام]
• عن أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتاه جبريل، وهو يلعب مع الغلمان. فأخذه فصرعه فشق عن قلبه. فاستخرج القلب، فاستخرج منه عَلَقة فقال: هذا حظّ الشيطان منك، ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم، ثم لأَمَهُ، ثم أعاده في مكانه. وجاء الغلمان يسعَوْن إلى أمه (يعني ظئْره) فقالوا: إن محمدًا قد قُتل، فاستقبلوه وهو منتقع اللون.
قال أنس: وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره.
صحيح: رواه مسلم في الإيمان (١٦٢: ٢٦١) عن شيبان بن فروخ، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا ثابت البناني، عن أنس بن مالك، فذكره.
وقوله: لأمه - بفتح اللام، وبعدها همزة، على وزن ضربه ومعناه جمعه وضم بعضه إلى بعض.
وقوله: ظئره - أي مرضعه. وكان عمره - صلى الله عليه وسلم - آنذاك أربع سنوات، والسنة الخامسة أعادت حليمة إياه - صلى الله عليه وسلم - إلى أمه آمنة.
• عن عتبة بن عبد السلمي، أن رجلًا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: كيف كان أول شأنك يا رسول الله؟ قال: "كانت حاضنتي من بني سعد بن بكر، فانطلقت أنا وابن