للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• عن أبي ذرّ قال: سألتُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: هل رأيتَ ربَّك؟ قال: "نورٌ أنّى أراه".

صحيح: رواه مسلم في الإيمان (١٧٨) عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن وكيع، عن يزيد بن إبراهيم، عن قتادة، عن عبد اللَّه بن شقيق، عن أبي ذر، فذكره.

ورواه أيضًا من طريق همام وهشام عن قتادة، عن عبد اللَّه بن شقيق، قال: قلت لأبي ذرّ: "لو رأيتُ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لسألتُه. فقال: عن أيِّ شيء كنتَ تسألُه؟ قال: كنت أسألُه: هل رأيتَ ربَّك؟ قال أبو ذرّ: قد سألتُ، فقال: "رأيتُ نورًا".

قوله: "نورٌ أنّى أراه" معناه نفي رؤية اللَّه تبارك وتعالى، لأنه أراد بالنّور -نور الحجاب- كما جاء في حديث أبي موسى: "حجابه نورٌ لو كشفه لأحرقتْ سبحاتُ وجهه كلّ شيء أدركه البصر". فالمانع من رؤيته هو نور الحجاب.

وقوله: "رأيتُ نورًا" معناه مثل الأوّل - وأراد بالنّور نور الحجاب؛ لأنه لو أراد بذلك نور ذاته عزّ وجلّ لقال للسّائل: نعم رأيته، فأراد أن يفهم السّائل أن الذي رآه هو النور الحجاب. انظر: باب "نوره الحجاب".

وقال ابن حبان في صحيحه (٥٨) بعد أن روى الحديث من طريق هشام بإسناده، مثله: "معناه: أنه لم ير ربَّه، ولكن رأي نورًا علويًّا من الأنوار المخلوقة".

وقد حاول ابن خزيمة في كتاب التوحيد (١/ ٤٣٩) الرّد على خبر أبي ذرّ زاعمًا أن عبد اللَّه بن شقيق لم يسمعه من أبي ذر فقال: "في القلب من صحة هذا الخبر شيء، لم أرَ أحدًا من أصحابنا من علماء أهل الآثار فطن لعلّة في إسناد هذا الخبر، فإنّ عبد اللَّه بن شقيق كأنه لم يكن يثبت أبا ذر، ولا يعرفه بعينه واسمه ونسبه، لأنّ أبا موسى محمد بن المثني حدثنا قال: حدّثنا معاذ بن هشام، قال: حدثني أبي، عن قتادة، عن عبد اللَّه بن شقيق، قال: "أتيت المدينة فإذا رجل قائم على غرائر سود يقول: ألا ليبشَّر أصحابُ الكنوز بكيٍّ في الجباه والجنوب. فقالوا: هذا أبو ذرّ صاحب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

قال ابن خزيمة: فعبد اللَّه بن شقيق يذكر بعد موت أبي ذر أنه رأى رجلًا يقول هذه المقالة وهو قائم على غرائر سود خُبِّر أنه أبو ذرّ، كأنه لا يثبته ولا يعلم أنه أبو ذر" انتهى.

قلت: فإن كان الأثر الذي ذكره ابن خزيمة صحيحًا فيكون ذلك في أول دخوله المدينة، ثم جالسه وسأله كما تدل عليه الرّوايات الصّحيحة.

٥٠ - باب من قال: إنّ النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- رأى ربَّه تبارك وتعالى، وتأويل ذلك بأنَّه رآه بقلبه

• عن أبي ذرّ في قوله تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} قال: رآه بقلبه ولم يَره بعينه.

<<  <  ج: ص:  >  >>