للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله: {قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} أي: نحن على الهدى والرشاد، فقال اللَّه تعالى: {أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ} أي: أنهم على الكفر والضلال والنفاق فهم مفسدون حقا وإن كانوا يدّعون أنهم يحسنون صنعًا.

{وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ} من جهلهم وبغضهم للَّه ولرسوله ولكتابه.

٨ - باب قوله: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ}

قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ} أي: للمنافقين الذين أظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر فإنهم كانوا يقولون فيما بينهم هل نحن نؤمن كما آمن هؤلاء السفهاء -يعني أصحاب محمد-؟ فرد اللَّه عليهم بقوله: {أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ}.

والسفيه: هو الذي يجهل مصالح نفسه، فيضرها وهذه الصفة منطبقة عليهم.

٩ - باب قوله: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (١٤) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}

قوله: {إِلَى شَيَاطِينِهِمْ}: أي رؤسائهم وكبرائهم، وهم أحبار اليهود والكفار والمشركين.

والمراد بالشياطين هنا شياطين الانس، لأن الشياطين يكونون من الانس كما يكونون من الجن لقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} [الأنعام: ١١٢]، وشياطين الانس هم من يظهر أمام الناس بأنه مخلص له في عمله وقوله، وهو من أفسق الناس وأفسدهم.

وقوله: {إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ}: أي نسخر بأصحاب محمد فنقول لهم: نحن مؤمنون كما أنتم مؤمنون.

وردّ اللَّه عليهم بقوله: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ}: أي على وجه المقابلة لا على وجه الاطلاق، لأنه في حال المقابلة، يدل على القوة والكمال والعدل، دون حال الابتداء فإنه يدل على الذم، ولذا روي عن ابن عباس: "يسخر بهم للنقمة منهم".

وكذلك قوله تعالى: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [آل عمران: ٥٤] وكذلك قوله تعالى: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النساء: ١٤٢] وأشباه ذلك كثير في كتاب اللَّه. وقوله: {وَيَمُدُّهُمْ}: أي يملي لهم، ويمهلهم.

١٠ - باب قوله: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (١٧) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (١٨)}

<<  <  ج: ص:  >  >>