وخالفه شعبة فرواه عن موسى بلفظ: إن أبا بكر صلَّى بالناس، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصف خلفه.
رواه ابن خزيمة (١٦٢١) وعنه ابن حبان (٢١١٧) عن محمد بن بشار، قال: حدثنا بدل بن المحبَّر، قال: حدّثنا شعبة، عن موسى بن أبي عائشة به، ومثله رواه بكر بن عيسى وشبابة بن سوار، عن شعبة، عن نُعيم بن أبي هند، عن أبي وائل، عن مسروق، رواهما الإمام أحمد (٢٥٢٥٦، ٢٥٢٥٧) ومن طريق بكر بن عيسى رواه أيضًا النسائي (٧٨٦) ومن طريق شبابة بن سوار رواه الترمذي (٣٦٣) فمن العلماء من سلك ملك الترجيح فقدَّم الرواية التي فيها أن أبا بكر كان مأمومًا للجزم بها، ومنهم من قال عكس ذلك، ورجَّح أنه كان إمامًا، ومنهم من سلك مسلك الجمع فجعل القصة على التعدد. انظر الفتح.
والملك الثالث تؤيده روايات شعبة نفسها. ففي الروايات السابقة كان أبو بكر إمامًا، والنبي - صلى الله عليه وسلم - مأمومًا، ورواه أبو داود الطيالسي، قال: حدّثنا شعبة، عن موسى بن أبي عائشة به ولفظه: فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين يدي أبي بكر يصلي بالناس قاعدًا، وأبو بكر يُصلي بالناس، والناس خلفه. رواه الإمام أحمد (٢٦١١٣) عن سليمان بن داود، والنسائي (٧٩٧) عن محمود بن غيلان، كلاهما عن أبي داود.
ففي هذه الرواية كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إمامًا، وأبو بكر يقتدي به قائمًا، والناس يقتدون بأبي بكر، وفيه دليل صريح على تعدد القصة.
وأما من استدل بحديث جابر الجعفي، عن الشعبي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَؤُمَّنَّ أحد بعدي جالسًا" فهو مرسل ضعيف، رواه عبد الرزاق (٤٠٨٨)، والدارقطني (١/ ٣٩٨)، والبيهقي (٣/ ٨٠) كلّهم من طريق جابر الجعفي.
قال الدّارقطني: لم يروه غير جابر الجعفي عن الشعبي، وهو متروك، والحديث مرسل لا تقوم به حجة.
وقال ابن حبان في صحيحه (٥/ ٤٧٤): "والعجب ممن يحتج بمثل هذا المرسل، وقد قدح في روايته زعيمهم فيما أخبرنا الحسين بن عبد الله بن يزيد القطان بالرقة، قال: حدّثنا أحمد بن أبي الحواري، قال: سمعت أبا يحيى الجماني قال: سمعت أبا حنيفة يقول: ما رأيت فيمن لقيتُ أفضل من عطاء، ولا لقيتُ فيمن لقيتُ أكذبَ من جابر الجعفي، ما أتيتُه بشيء قطّ من رأي إلا جاءني فيه بحديث، وزعم أن عنده كذا وكذا ألف حديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم ينطق بها".
[١٥ - باب متابعة الإمام والعمل بعده]
• عن البراء قال: إنهم كانوا يُصلون خلْفَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا رفع رأسه من الركوع لم أر أحدًا يَحْنِي ظهره حتى يضعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جبهتَه على الأرض. ثم يَخِرُّ من وراءه سُجَّدًا.