للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الكئيب" (ص ١١٠): "كان في هذه الأيام إلى حين الوفاة سبع عشرة صلاة عشاء الآخرة من ليلة الجمعة ابتداؤها، وصلاة الصبح من يوم الاثنين انتهاؤها" انتهى.

ورواه أيضًا الشيخان - البخاري (٧١٣)، ومسلم (٤١٨/ ٩٥) كلاهما من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود عنها قالت: لمَّا ثقُلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - جاء بلالً يُؤذِنُهُ بالصلاة فقال: "مُروا أبا بكر أن يصلي بالناس فقلت: يا رسولَ الله إن أبا بكر رجُلٌ أسيفٌ، وإنه متى ما يقُمْ مقامك لا يُسمعُ الناس، فلو أمرتَ عمر، فقال: "مُروا أبا بكر يصلي بالناس فقلتُ لحفصة: قولي له إن أبا بكر رجُلٌ أسيفٌ، وإنه متى يَقُمْ مقامك لا يُسمِعُ الناس، فلو أمرتَ عمر. قال: "إنكن لأنتُنَّ صواحبُ يوسفَ، مُروا أبا بكر أن يُصلِّي بالناس"، فلما دخل في الصلاةِ وجد رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في نفسهِ خِفَّةً، فقام يُهادى بين رجُلين ورجلاهُ يَخُطَّانِ في الأرض حتى دخل المسجد، فلما سمع أبو بكر حِسَّهُ ذهبَ أبو بكر يتأخر، فأَومأ إليه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى جلس عن يسار أبي بكر، فكان أبو بكر يُصلِّي قائمًا، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُصلَّي قاعدًا، يقتدي أبو بكر بصلاة رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، والناسُ مُقتَدونَ بصلاةِ أبي بكر.

وبوَّب عليه البخاري بقوله: الرجل يأتم بالإمام، ويأتم الناس بالمأموم.

وفيه إشارة إلى النسخ لقعود المأمومين خلف الإمام القاعد. وإليه ذهب الإمامان أبو حنيفة والشافعي.

وأنكر الإمام أحمد وقوعَ النسخ في ذلك. وجمع بين الحديثين بتنزيلهما على حالتين: إحداهما إذا ابتدأ الإمام الراتب الصلاة قاعدًا لمرض يُرجى برؤُه فحينئذ يصلون خلفه قعودًا.

وثانيهما: إذا ابتدأ الامام الراتبُ قائمًا لزم المأمومين أن يصلوا خلفه قيامًا، سواء طرأ ما يقتضي صلاة إمامهم قاعدًا أم لا؟ كما في الأحاديث التي في مرض موت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإن تقريره لهم على القيام دل على أنه لا يلزمهم الجلوس في تلك الحالة، لأن أبا بكر ابتدأ الصلاة بهم قائمًا، وصلوا معه قيامًا، بخلاف الحالة الأولى فإنه - صلى الله عليه وسلم - ابتدأ الصلاة جالسًا فلما صلوا خلفه قيامًا أنكر عليهم.

قال الحافظ في الفتح (٢/ ١٧٦) بعد أن نقل قول الإمام أحمد: وقد قال بقول أحمد جماعةٌ من محدثي الشافعية كابن خزيمة، وابن المنذر، وابن حبان، وأجابوا عن حديث الباب بأجوبة أخرى منها: قول ابن خزيمة: إن الأحاديث التي وردت بأمر المأموم أن يصلي قاعدًا تبعًا لأمامه لم يُختلف في صحتها، ولا في سياقها، وأما صلاته - صلى الله عليه وسلم - قاعدًا فاختلف فيها هل كان إمامًا، أو مأمومًا. قال: وما لم يختلف فيه لا ينبغي تركه لمختلف فيه".

هذه خلاصة كلام ابن خزيمة (٣/ ٥٣ - ٥٧).

وهو كما قال: ففي رواية زائدة بن قدامة، عن موسى بن أبي عائشة، عن عبيد الله بن عبد الله، عن عائشة جعل أبو بكر بصلي بصلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، والناس بصلاة أبي بكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>