وذلك لقلة الطعام والشراب والمركب، مع شدة الجو، وكثرة العدو، وبعد الشقة، وكان قلما يخرج لغزوة إلا ورى بغيرها إلا في هذه الغزوة، فإنه أخبرهم بقصده ليعدوا عدتهم، وكان ذلك بعد عودة النبي - صلى الله عليه وسلم - من حصار الطائف بنحو ستة أشهر في العام التاسع الهجري.
وكان سبب الخروج أن هرقل والي الروم جمع جموعًا من الروم ومن قبائل العرب لمحاربة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين، فعلم بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان من سياسته - صلى الله عليه وسلم - إذا علم أن قوما هموا بغزوه أن يبادئهم قبل أن يغزوه، أي: غزوة الوقاية، فأسرع الخروج إليهم قبل أن يصل هؤلاء إلى المدينة، فتقابل الجيشان في تبوك، وكان عدد جيش المسلمين نحو ثلاثين ألفا وزيادة.
[١ - باب تجهيز جيش العسرة]
• عن أبي عبد الرحمن أن عثمان حيث حوصر أشرف عليهم وقال: أنشدكم ولا أنشد إلا أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -: ألستم تعلمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"من حفر رومة فله الجنة" فحفرتها؟ ألستم تعلمون أنه قال:"من جهز جيش العسرة فله الجنة" فجهزتها قال: فصدقوه بما قال.
صحيح: رواه البخاري في الوصايا (٢٧٧٨) قال: قال عبدان، أخبرني أبي، عن شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي عبد الرحمن أن عثمان فذكره.
وقول البخاري:"قال عبدان" يحمل على الاتصال، ولذا قال البيهقي (٦/ ١٦٧): رواه البخاري في الصحيح عن عبدان.
وعبدان هو عبد الله بن عثمان بن جبلة الملقب بعبدان من شيوخ البخاري.
• عن كعب بن مالك يقول: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلما يريد غزوة يغزوها إلا ورى بغيرها حتى كانت غزوة تبوك، فغزاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حر شديد، واستقبل سفرا بعيدا ومفازا، واستقبل غزو عدو كثير، فجلى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة عدوهم،