قلت: وفي الإسناد عروة أو عزرة "مجهول" كما قال الحافظ في "التقريب" وسعيد بن عثمان البلوي، لم يرو عنه إلا عيسى بن يونس، ولم يوثقه أحد، وإنما ذكره ابن حبان في "ثقاته"(٦/ ٣٦١) ولم يذكر من الرواة عنه سوي عيسي بن يونس فهو "مجهول" أيضًا، وجعله الحافظ في "التقريب""مقبول" لذكره ابن حبان في الثقات، وترجمه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(٤/ ٤٧) ولم يقل فيه شيئًا.
وفي الباب أيضًا عن بريدة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلَّى على ميت بعد ما دفن"، رواه ابن ماجه (١٥٣٢) عن محمد بن حُميد قال: حدثنا مهران بن أبي عمر، عن أبي سنان، عن علقمة بن مرثَد، عن ابن بريدة، عن أبيه فذكره. ورواه البيهقي من هذا الوجه (٤/ ٤٨) في سياق أطول، ومحمد بن حميد هو: ابن حبان الرازي، قال فيه البخاري: "في حديثه نظر"، وقال النسائي: "ليس بثقة"، وقال الجوزجاني: "ردئ المذهب غير ثقة"، وقال ابن حبان: لينفرد عن الثقات بالمقلوبات".
وكان ابن معين: حسن الرأي فيه فوثَّقه. والقول فيه قول الجماهير، وشيخه مهران بن أبي عمر العطار مختلف فيه، قال الحافظ:"صدوق له أوهام، سيء الحفظ".
وكذلك لا يصح ما رُوي عن أبي سعيد قال: كانت سوداء تقُمُّ المسجدَ، فتوفيتْ ليلًا. فلما أصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُخبر بموتها فقال:"ألا آذنتموني بها؟ " فخرج بأصحابه فوقف على قبرها، فكبَّر عليها، والناس من خلفه، ودعا لها، ثم انصرف.
رواه ابن ماجه (١٥٣٣) وفي إسناده عبد الله بن لهيعة وفيه كلام معروف، ولم يرو عنه أحد العبادة، وقد ضعَّفه أيضًا البوصيري في "مصباح الزجاجة".
أقوال أهل العلم في الصلاة على القبر:
قال الترمذي بعد أن أخرج حديث ابن عباس (١٠٣٧): "والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيره، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق، وقال بعض أهل العلم: لا يُصلي على القبر. وهو قول مالك بن أنس. وقال عبد الله بن المبارك: إذا دفن الميت، ولم يُصل عليه صُلِّى على القبر. (ورأي ابن المبارك الصلاة على القبر) هكذا ذكره مكررًا، وقال أحمد وإسحاق: يصلي على القبر إلى شهر، وقالا: أكثر ما سمعنا عن ابن المسيب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلي على قبر أم سعد بن عبادة بعد شهر".
ثم أخرج مرسل سعيد بن المسيب قال: إن أم سعد ماتت والنبي صلى الله عليه وسلم غائب، فلما قدم صلي عليها، وقد مضى لذلك شهر. انتهى.
[٢٦ - باب الصلاة على القاتل نفسه لغير ولي المسلمين]
• عن جابر بن سمرة قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قتل نفسه بمشاقص، فلم يُصَلّ عليه. وفي رواية: ذكرت قصة هذا الرجل بأنه مرض، فصيح عليه، فجاء جاره إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،