الأعمش به وفيه، قال أبو مسعود: أليس قد نُهي عن ذلك؟ فقال له حذيفة: ألم ترني قد تابعتك.
قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
قلت: وهو كما قال، وهذا يدل على أن حذيفة أيضًا ممن كان يعرف الحديث المرفوع.
وقوله:"ألم تعلم أنهم كانوا يُنهون عن ذلك" حكمه المرفوع، لأن الناهي يكون الشارع لا غير.
وأما ما رُوي عن عمار بن ياسر أنه قام على دكان يُصلي، والناس أسفل منه، فتقدم حذيفة فأخذ على يديه، فأَتبعه عمار حتى أنزله حذيفة، فلما فرغ عمار من صلاته قال له حذيفة: ألم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا أمَّ الرجلُ القومَ فلا يقُم في مكان أرفع من مقامهم" أو نحو ذلك، قال عمار: لذلك أتبعتُك حين أخذت على يدي.
فهو حديث ضعيف. رواه أبو داود (٥٩٨) عن أحمد بن إبراهيم، حدثنا حجاج، عن ابن جريج، أخبرني أبو خالد، عن عدي بن ثابت الأنصاري، حدثني رجل أنه كان مع عمار بن ياسر بالمدائن، فأقيمت الصّلاة فتقدّم عمار فذكر الحديث.
وفيه رجل لم يُسّمَّ، وأبو خالد: قال الذهبي: أراه الدالاني وإلا فمجهول.
"الكاشف"(٣/ ٢٩٠).
قلت: إن كان هو الدّالاني فاسمه: يزيد بن عبد الرحمن من أهل واسط، فيقال له أيضًا: الواسطى، وهو مختلف فيه فوثقه أبو حاتم. وقال ابن معين وأحمد: لا بأس به. وتكلم فيه ابن سعد فقال: منكر الحديث. وقال ابن حبان: كان كثير الخطأ، فاحش الوهم، يخالف الثقات في الروايات، حتى إذا سمعها المبتدئ في هذه الصناعة علم أنها معمولة أو مقلوبة، لا يجوز الاحتجاج به إذا وافق الثقات فكيف إذا انفرد بالمعضلات. انظر "تهذيب التهذيب"(١٢/ ٨٢) و"المجروحين"(١١٨٣).
قلت: هذا هو الدالاني، فإن لم يكن هو، فهو رجل آخر حكم عليه الذهبي بأنه مجهول.
[٥ - باب ما جاء في جواز ذلك للتعليم]
• عن أبي حازم بن دينار أن رجالًا أتوا سهل بن سعد الساعدي وقد امتروا في المنبر مِمَّ عُوده؟ فسألوه عن ذلك فقال: والله! إني لأعرف مما هو، ولقد رأيتُه أول يوم وُضِع، وأول يوم جلس عليه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، أرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى فُلانة - امرأة قد سماها سهلٌ - مُرِي غلامَكِ النجارَ أن يعملَ لي أعوادًا أجلس عليهن إذا كلمتُ الناسَ، فأمرتْه فعَملها من طرفاء الغابة، ثم جاء بها فأرسلتْ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأمر بها فوُضِعتْ ها هنا، ثم رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلَّى عليها، وكبَّر وهو عليها، ثم ركع وهو عليها، ثم نزل القهقري فسجد في أصل المنبر ثم عاد. فلما