[تفسير سورة البقرة]
[١ - باب قوله: {الم}]
{الم}: القول الصحيح في الحروف المقطعات هي أسماء السور، والأسماء لا تعلل ولا تفسر، وعليه أكثر أهل العلم.
وقيل: لها معنى ولكن اللَّه تبارك وتعالى استأثر بعلمه.
وقيل: لها معنى عرف بالتتبع وإمعان النظر، ثم اختلف القائلون بهذا القول مما يطول ذكره. وأحسن ما قيل فيه: إن القرآن مركب من هذه الحروف التي يتخاطبون بها وتحداهم القرآن أن يأتوا بمثله ولو آية، ومن أسرار هذه الحروف أنها جاءت بحرف واحد مثل: {ص} {ن} {ق} وبحرفين مثل: {حم} وبثلاثة حروف مثل: {الم} وبأربعة مثل: {المر} {المص} وبخمسة مثل: {كهيعص}.
وكلامهم كان من حرف إلى خمسة أحرف لا أكثر من ذلك ومثال حرف كقول الشاعر:
قلنا لها قفي لنا قالت قاف ... لا تحتسبي أنا فينا الإيجاف
قال قاف - أي وقفت.
وذكر ابن جرير وغيره أمثلة أخرى.
٢ - باب قوله: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ}
الكتاب هو: القرآن الكريم.
وقوله: {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} أي التفاصيل الواردة في القرآن من الأوامر والنواهي لا يستفيد منها إلا المتقون مثل قوله تعالى: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} [فصلت: ٤٤].
وأما غير المتقين من الكفار والمشركين فلهم قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا} [النساء: ١٧٤].
وقال اللَّه تعالى {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ} [المائدة: ١٥].
وقال تعالى: {الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [إبراهيم: ١].
٣ - باب قوله: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}
قوله: {يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} الغيب: يعني كل ما غاب عن الناس، ولا يمكن إدراكه بالحواس مثل وجود اللَّه تعالى، والملائكة واليوم الآخر، وصفة الجنة والنار، وما أعده اللَّه تعالى من الحياة بعد