وجدتم أن يَتَّخِذَ ثوبين ليوم الجمعةِ سوى ثوبي مِهنته".
ففيه انقطاعٌ؛ رواه أبو داود (١٠٧٨) وابن ماجةَ (١٠٩٥) كلاهما من طريق موسي بن سعد، عن محمد بن يحيى بن حَبَّان، عن عبد الله بن سلام، فذكره.
وهذا إسنادٌ رجاله ثقات إلَّا أنَّ فيه انقطاعًا؛ فقد اتفقوا على أنَّ عبد الله بن سلام توفي سنةَ ٤٣، وتوفي محمد بن يحيى بن حَبَّان سنة ١٢١، وكان عمره ٧٤ سنةً، فهذا يعني أنَّه وُلد سنة ٤٧، أي بعد وفاةِ ابن سلام بأربع سنين، فهو على هذا لم يُدركهـ قطعًا.
وقد رُوي هذا الحديث أيضًا عن محمد بن يحيى بن حَبَّان مرسلًا عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -
أخرجه أبو داود من طريق يحيي بن سعيد الأنصاري عنه.
ورُوي من وجهٍ آخر عن محمد بن يحيى بن حَبَّان، عن يوسف بن عبد الله بن سلام، عن أبيه. رواه ابن ماجةَ من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، ثنا شيخٌ لنا، عن عبد الحميد بن جعفر، عن محمد ابن يحيى بن حَبَّان بإسناده.
وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة الشيخ المبهم.
ورُوي من وجهٍ آخر عن يوسف بن عبد الله بن سلام، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. يعني بدون واسطة أبيه. وهذا أيضًا مرسل؛ لأنَّ يوسف بن عبد الله بن سلام من أولاد الصحابة الذين يُحتمل أنَّهم وُلدوا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يثبت لهم منه - صلى الله عليه وسلم - سماعٌ، وقد ذكره بعضهم في التابعين.
ورُوي عن عائشةَ أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب يوم الجمعة، فرأى عليهم ثياب النمار، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما على أحدكم إن وجد سعةٌ أن يتَّخذ ثوبين لجمعته، سوى ثوبي مِهنته".
أخرجه ابن ماجة (١٠٩٦) من طريق عمرو بن أبي سلمة، عن زهير، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشةَ، فذكرته.
وفي إسناده عَمرو بن أبي سلمة، وهو التنيسي، صدوق، إلَّا أنَّ روايته عن زهير ضعيفةٌ: ضعَّفه ابن معين، وقال أبو حاتم: "يُكتب حديثه ولا يُحتجُّ به". وقال العقيلي: "في حديثه وهمٌ". ولعلَّ هذا القول الإمام أحمد: "روى عن زهير أحاديثَ بواطيلَ، كأنَّه سمِعها من صدقةَ بن عبد الله، فغلِط فقلبها عن زهير".
قلت: وصدقة بن عبد الله ضعيف، فهذا يدلُّ على أنَّ ما تفردَّ به عمرو بن أبي سلمة عن زهير خاصة لا يكون صحيحًا ولا حسنًا، ولعلَّ من صحَّح هذا الحديثَ لم يتنبَّه لهذه العلَّةِ. والله الموفِّق.
وقد أخرجه ابن خزيمة (١٧٦٥)، وعنه ابن حبان (٢٧٧٧) في صحيحيهما من هذا الطريق.
[٤ - باب الغداء والقيلولة بعد الجمعة]
• عن سهلٍ قال: ما كنَّا نقيل ولا نتغدَّى إلَّا بعد الجمعة.