الحمدُ للَّهِ ربِّ العالمينَ، والصلاةُ والسلامُ على سَيِّدِ المُرْسَلينَ، وعلى آلهِ وَصَحْبِه أجمعينَ، أما بعدُ:
فإنَّ اللَّهَ جلَّ ثناؤُه وفّقَ هذا العبدَ الضعيفَ لِتَصْنِيفِ كُتُبٍ مُتَنَوّعةٍ في التفسيرِ والحديثِ والفقهِ والعقيدةِ والأَدْيانِ وغيرها، والحمدُ للَّهِ على ذلك حمدًا كثيرًا، ثم وفّقني اللَّه تعالى لتَصْنِيفِ هذا الكتابِ المُباركِ وهو:
"الجامعُ الكاملُ في الحديثِ الصحيحِ الشامل"
موضوعُه: جَمْعُ الأحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ المرتبة على الموضوعات في ديوانٍ واحدٍ، وقد اسْتَغْرَقَ تأليفه عدَّة سنواتٍ مُتتَاليةٍ، عملتُ خِلالَها ليلَ نهارَ، مُنْقَطعًا عن الزِّياراتِ واللِّقَاءاتِ، تاركًا الأسْفَارَ والرِّحْلاتِ، مُعتذرًا عن عَدمِ حضورِ النّدواتِ والمُؤتمراتِ، ليكونَ هذا "الجامعُ" بإذن اللَّهِ تعالى منارًا للهُدى لمُحبِّي سُنةِ المصطفى -صلى اللَّه عليه وسلم-، والسَّائرين على طريقتِه المُثْلى، ومُقْتَفي سيرتِه العطرةِ، ومُتّبعي أسوتِه الحَسَنَةِ.
وقَدْ وَاجَهَني خلالَ العملِ صعوباتٌ عِدّةٌ، لا يُقدِّرُها إلا مَنْ قامَ بإعدادِ مَوْسُوعَةٍ عِلْميّةٍ مثلِ هذا، وَمَارَسَ عِلْمَ التخريجِ الذي يُعَدُّ من أَصْعَبِ العُلُومِ الإسلَاميّةِ؛ لأنَّ هذَا العِلْمَ يَحْتَاجُ إلى معرفةِ الجَرْحِ والتَّعْدِيلِ، وما يُقْبَل منه وما لا يُقْبَل، وعِلَلِ الحديثِ قادحةً وغيرَ قادحةٍ، ومعرفةَ الوَصْلِ والإرْسَال، والرَّفْعِ والوَقْفِ، والانْقِطَاعِ والإعْضَالِ، والتَّصْحِيفِ والتَّحْرِيفِ، وَوُقُوعِ الشّذُوذِ والنَّكَارَةِ في الإِسْنَادِ وَالمتنِ، وَمَا رُوِيَ باللَّفْظِ وَالمَعْنَى وَغيرِهَا من العُلُومِ الحَدِيثيّةِ.