• عن شداد بن الهاد أن رجلًا من الأعراب جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فآمن به واتَّبعه ثم قال: أهاجر معك، فأوصى به النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بعض أصحابه، فلما كانت غزوة غنم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في سبيًا فقَسَمَ وقَسَمَ له، فأعطى أصحابه ما قَسَمَ له وكان يرعى ظهرهم، فلما جاء دفعوه إليه فقال: ما هذا؟ قالوا: قَسم قَسَمَهُ لك النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخذه فجاء به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما هذا؟ قال قَسَمتُه لك، قال: ما على هذا اتَّبَعتُكَ، ولكني اتَّبَعتُك على أن أُرمي إلى ههنا. وأشار إلى حَلقه بسهم فأمُوتَ فأدخلَ الجنَّة، فقال:"إن تَصدُق الله يصدقكُ" فلبثوا قليلًا، ثم نَهَضوا في قتال العدُوِّ فأُتِيَ به النبي - صلى الله عليه وسلم - يُحمل وقد أصابه سهمٌ حيث أشار، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أَهُو هو؟ " قالوا: نعم، قال:"صدق الله فصدقَه"، ثم كفَّنه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في جُبَّةِ النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قدَّمه فصَلَّى عليه، فكان فيما ظهر من صلاته:"اللهم! هذا عَبدُك خرج مُهاجرًا في سبيلك فقُتِلَ شهيدًا، أنا شهيدٌ على ذلك".
صحيح: رواه النسائي (١٩٥٣) من طريق ابن جريج قال: أخبرني عكرمة بن خالد، أن ابن أبي عمار أخبره، عن شداد بن الهاد فذكره. وأخرجه الحاكم (٣/ ٥٩٥) من هذا الطريق.
وإسناده صحيح، غير أن شدَّاد بن الهاد مختلف في صحبته فذكره ابن قانع في معجم الصحابة (٤١٢)، وقال ابن حبان في "الثقات"(٣/ ١٨٦): "يقال إن له صحبة"، هذا هو الصحيح.
ولكن قال بعض أهل العلم: هو مختلف فيه، وجزم النووي في "المجموع"(٥/ ٢٦٥) بأنه تابعي وحديثه مرسل، والله تعالى أعلم.
وقوله:"كانت غزوة غنم النبي - صلى الله عليه وسلم - سبيًا" وفي رواية "شيئًا" كانت غزوة خيبر أو حنين.
والحديث أخرجه أيضًا البيهقي (٤/ ١٥ - ١٦) من هذا الوجه إلا أنه أوَّله بأنه يحتمل أن يكون هذا الرجل بقي حيًا حتى انقطعت الحرب، ثم مات فصلى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والذين لم يُصَل عليهم بأُحد ماتوا قبل انقضاء الحرب. انتهي.
٣ - باب ما جاء أن الشهداء يُدفنون في مصارعهم
• عن جابر بن عبد الله، قال: كنا حملنا القتلى يوم أُحُد لندفنهم، فجاء منادي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال:"إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمركم أن تدفنوا القتلى في مضاجعهم" فرددناهم.
حسن: رواه أبو داود (٣١٦٥)، والترمذي (١٧١٧)، والنسائي (٢٠٠٥)، وابن ماجه (١٥١٦) كلهم من حديث الأسود بن قيس، سمع نُبيحًا العنزي يقول: سمعت جابر بن عبد الله فذكره.
ورواه أحمد (١٤١٦٩) مختصرًا هكذا، ومطولًا (١٥٢٨١) من وجهين عن الأسود بن قيس، عن نُبيح العنزي، عن جابر بن عبد الله قال: فبينما أنا في النظارين، إذ جاء عمتي بأبي وخالي