للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال القرطبي في المفهم (١/ ٣٩٤): وفي حديث أنس ما يقتضي أن السدرة في السماء السابعة أو فوقها، لقوله: "ثم ذهب بي إلى السدرة". بعد أن استفتح السماء السابعة ففتح له فدخل، وفي حديث عبد الله أنها في السماء السادسة، وهذا تعارض لا شك فيه، وما في حديث أنس أصح، وهو قول الأكثر، والذي يقتضيه وصفها: بأنها التي ينتهي إليها علم كل ملك مقرب وكل نبي مرسل، على ما قاله كعب، وقال: وما خلفها غيب لا يعلمه إلا الله، وكذلك قال الخليل بن أحمد، وقال: إليها تنتهي أرواح الشهداء، وقال ابن عباس: هي عن يمين العرش، وأيضًا فإن حديث أنس مرفوع، وحديث عبد الله موقوف عليه من قوله، والمسند المرفوع أولى. انتهى.

وقد حاول النووي الجمع بين الحديثين وتبعه ابن حجر بأن أصلها في السادس وفرعها في السابعة وفيه نظر.

٣٢ - عرض النبي - صلى الله عليه وسلم - نفسه على القبائل طلبًا للنصرة منهم

• عن جابر بن عبد الله قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعرض نفسه على الناس بالموقف. فيقول: "هل من رجل يحملني إلى قومه؟ فإن قريشًا قد منعوني أن أبلّغ كلام ربي".

فأتاه رجل من همدان فقال: "ممن أنت؟ " فقال الرجل: من همدان. قال: "فهل عند قومك من منعة؟ " قال: نعم، ثم إن الرجل خشي أن يُخفره قومه. فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: آتيهم فأخبرهم، ثم آتيك من عام قابل. قال: "نعم" فانطلق، وجاء وفد الأنصار في رجب.

صحيح: رواه الإمام أحمد (١٥١٩٢) واللفظ له، وأبو داود (٤٧٣٤) وابن ماجه (٢٠١) والترمذي (٢٩٢٥) والحاكم (٢/ ٦١٢ - ٦١٣) كلهم من حديث إسرائيل، عن عثمان بن المغيرة، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر، فذكره. وبعضهم اختصره. قال الترمذي: "حسن صحيح".

وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه".

• عن جابر قال: مكث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة عشر سنين يتبع الناس في منازلهم بعكاظ ومجنّة، وفي المواسم بمنى يقول: "من يؤويني؟ من ينصرني؟ حتى أبلغ رسالة ربي وله الجنة". حتى إن الرجل ليخرج من اليمن أو من مصر - كذا قال - فيأتيه قومه فيقولون: احذر غلام قريش، لا يفتنك. ويمشي بين رجالهم، وهم يشيرون إليه بالأصابع، حتى بعثنا الله له من يثرب فآويناه، وصدّقناه، فيخرج الرجل منا فيؤمن به، ويُقرئه القرآن، فينقلب إلى أهله فيسلمون بإسلامه، حتى لم يبق دار من دور الأنصار إلا وفيها رهط من المسلمين، يُظهرون الإسلام، ثم ائتمروا جميعًا، فقلنا: حتى متى نترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُطرد في جبال مكة ويُخاف؟ فرحل إليه منا سبعون رجلا حتى

<<  <  ج: ص:  >  >>