أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في الجنين: "ذكاته ذكاة أمه أشعر أو لم يشعر" وزاد الدَّارقطنيّ: قال عبد الله: "ولكنه إذا خرج من بطن أمه يُؤمر بذبحه، حتَّى يخرج الدمُ من جوفه".
فقوله: "أو لم يشعر" مخالف لحديث ابن إسحاق السابق، وفي إسناده إضافة إلى علة الوقف المشار إليها، المبارك بن مجاهد وهو أبو الأزهر الخراساني المروزيّ، قال أبو حاتم - كما في الجرح والتعديل -: "ما أرى بحديثه بأسا، وكان قُتَيبة بن سعيد ضعَّفه جدًّا وقال: "كان قدريا" وذكره ابن حبَّان في المجروحين وقال: "منكر الحديث ممن ينفرد عن الثّقات بما لا يشبه حديث الأثبات، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد" اهـ.
وقال أبو أحمد الحاكم: "ليس بالقوي عندهم" وذكره في جملة الضعفاء ابن الجارود، والدولابيّ، والعقيليّ، كما في لسان الميزان.
والصواب أنه موقوف على ابن عمر كما سبق.
مذاهب العلماء في ذكاة الجنين:
قال الترمذيّ عقب حديث أبي سعيد الخدريّ: "والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم وهو قول سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق" انتهى.
وشرط مالك الإشعار لقول ابن عمر.
وقال أبو حنيفة: لا يحل أكل الجنين إِلَّا إذا خرج حيا وذكي كالأم. وقد فصّلتُ القول في هذه المسألة مع الأدلة في المنة الكبرى (٨/ ٣٣٣ - ٣٣٤).
[٢٥ - باب الأكل والإهداء والتصدق من لحوم الأضاحي]
قال الله تعالى: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [سورة الحج: ٣٦].
وقال تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: ٢٨].
القانع: السائل، يقال: قنع قُنوعا إذا سأل.
والمعتر: الذي يعتريك أي يتعرض لك لتُطعمه، ولا يسأل.
الصنف الثالث: هو الفقير المسكين.
• عن أنس بن مالك قال: قال النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - يوم النحر: "من ذبح قبل الصّلاة فليُعِد"، فقام رجل فقال: يا رسول الله، إن هذا يوم يشتهى فيه اللحم - وذكر جيرانه - وعندي جذعة خيرٌ من شاتي لحم. فرخَّص له في ذلك، فلا أدري أبلغت الرخصة مَنْ سِواه أم لا. ثمّ انكفأ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - إلى كبشين فذبحهما، وقام الناس إلى غُنَيمة فتوزَّعوها أو قال: فتَجزَّعوها.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الأضاحي (٤٥٤٩)، ومسلم في الأضاحي (١٠: ١٩٦٢) كلاهما