قال الحافظ: "فجمع البخاري بينهما بحمل الجواز على ما إذا علم رضا من يأكل معه، فبوّبَ
له بقوله: "باب من تتبّع حوالي القصعة مع صاحبه إذا لم يُعْرف منه كراهية".
وقال النووي في شرح مسلم (١٣/ ٢٢٣): "وأما تتبع الدباء من حوالي الصحفة فيحتمل وجهين:
أحدهما: من حوالى جانبه وناحيته من الصحفة لا من حوالى جميع جوانبها فقد أمر بالأكل مما يلي الإنسان.
والثاني: أن يكون من جميع جوانبها وإنما نهى ذلك لئلا يتقذره جليسه ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يتقذره أحد بل يتبركون بآثاره - صلى الله عليه وسلم -" اهـ. يعني بريقه ومماسة يده.
وحمل بعض الشراح الجواز على ما إذا كان الطعام أكثر من لون، والمنع على ما إذا كان لونا واحدا، فلا يتعدى ما يليه.
وقيل: إن المؤاكل لأهله وخدمه يباح له ذلك دون غيره. ينظر: فتح الباري (٩/ ٥٢٤, ٥٢٥).
[٦ - باب كراهية الأكل من وسط الطعام]
• عن ابن عباس، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتي بقصعة من ثريد فقال: "كلوا من حولها، ولا تأكلوا من وسطها؛ فإن البركة تنزل في وسطها".
صحيح: رواه أبو داود (٣٧٧٢)، وأحمد (٣١٩٠) - والسياق له، كلاهما من طريق شعبة -، والترمذي (١٨٠٥) من طريق جرير بن عبد الحميد -، وابن ماجه (٣٢٧٧) من طريق محمد بن فضيل -، وأحمد (٢٤٣٩، ٣٢١٤) من طريق سفيان الثوري - كلهم عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فذكره.
وإسناده صحيح، عطاء بن السائب ثقة وثّقه الأئمة إلا أنه اختلط في آخر عمره، لكن رواية شعبة والثوري عنه قبل اختلاطه.
وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح، إنما يعرف من حديث عطاء بن السائب، وقد رواه شعبة والثوري عن عطاء بن السائب".
وفيه إشارة إلى سماع شعبة والثوري عنه قديما.
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد".
• عن عبد الله بن بسر المازني قال: بعثني أبي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أدعوه إلى الطعام، فجاء معي، فلما دنوت من المنزل أسرعت، فأعلمت أبوي، فخرجا، فتلقيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ورحبا به، ووضعنا له قطيفة كانت عندنا زئبرية، فقعد عليها، ثم قال أبي لأمي: هات طعامك، فجاءت بقصعة فيها دقيق قد عصدته بماء وملح، فوضعته بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "خذوا بسم الله من حواليها، وذروا ذروتها؛ فإن