فقوله: "لا طاعة لمن عصى الله" أي فيما يخالف أمر الله أي فيؤدي الصلاة في وقتها في بيته، ثم يصلي معهم حتى لا يكون عاصيا لهم أيضا؛ لأن وقت الصلاة موسع.
وروى مالك في البيعة (٣) عن عبد الله بن دينار: أن عبد الله بن عمر كتب إلى عبد الملك بن مروان يبايعه، فكتب إليه: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أما بعد لعبد الله عبد الملك أمير المؤمنين، سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، وأقر لك بالسمع والطاعة على سنة الله وسنة رسوله فيما استطعت.
ورواه البخاري في الأحكام (٧٢٠٣، ٧٢٠٥) من طريق يحيى (هو القطان) عن سفيان (هو ابن عيينة)، عن عبد الله بن دينار به، نحوه.
وعلى هذا المنهج سار أهل السنة والجماعة؛ فإنهم يرون طاعة ولي الأمر في المنشط والمكره.
قال الإمام أحمد: "أصول السنة عندنا ... فذكر أمورا ثم قال: والسمع والطاعة للأئمة وأمير المؤمنين البَرِّ والفاجر، ومن ولي الخلافة فاجتمع الناس عليه ورضوا به، ومن غلبهم بالسيف حتى صار خليفة. وسمي أمير المؤمنين".
وقال: "ومن خرج على إمام المسلمين وقد كان الناس اجتمعوا عليه وأقروا له بالخلافة بأي وجه كان بالرضا أو بالغلبة فقد شق هذا الخارج عصا المسلمين وخالف الآثار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإن مات الخارج عليه مات ميتة جاهلية ولا يحل قتال السلطان ولا الخروج عليه لأحد من الناس فمن فعل ذلك فهو مبتدع على غير السنة والطريق". انظر: شرح الاعتقاد للالكائي (١/ ١٦٠ - ١٦١).
وقال أيضا: "والانقياد إلى من ولاه الله أمركم، لا تنزع يدًا من طاعته، ولا تخرج عليه بسيفك حتى يجعل الله لك فرجا ومخرجا، ولا تخرج على السلطان وتسمع وتطيع ولا تنكث بيعة فمن فعل ذلك فهو مبتدع مخالف مفارق للجماعة، وإن أمرك السلطان بأمر هو الله معصية فليس لك أن تطيعه البتة وليس لك أن تخرج عليه، ولا تمنعه حقه". انظر: طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى (١/ ٢٤ - ٢٥).
قال الإمام البربهاري: "وإذا رأيت الرجل يدعو على السلطان فاعلم أنه صاحب هوى، وإذا سمعت الرجل يدعو للسلطان بالصلاح فاعلم أنه صاحب سنة إن شاء الله.
يقول فضيل بن عياض: لو كان لي دعوة ما جعلتها إلا في السلطان، فأمرنا أن ندعو لهم بالصلاح، ولم نؤمر أن ندعو عليهم، وإن جاروا وظلموا؛ لأن جورهم وظلمهم على أنفسهم وعلى المسلمين، وصلاحهم لأنفسهم وللمسلمين. انظر: طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى (٢/ ٣٦).
[١٢ - باب جور الإمام واستئثاره لا يمنع من السمع والطاعة]
• عن عبد الله بن مسعود قال: قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنكم سترون بعدي أثرة وأمورًا تنكرونها" قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: "أدوا إليهم حقهم، وسلوا الله