وخلاصة القول: حديث حفصة صحيح مرفوعًا وموقوفًا.
والموقوف هو الأصح، والمرفوع دونه في الصحة. وفيه زيادة علم وهي مقبولة عند جمهور العلماء. ويقوي هذه الزيادة بأن هذا الحكم لا يصدر إلا عن الشارع لما يترتب عليه الوجوب وعدمه، وهي قرينة قوية لرفع الحديث، وإن كان رجاله دون رجال الوقف.
وله شاهد ضعيف عن عائشة رواه الدارقطني (٢/ ١٧١ - ١٧٢)، والبيهقي (٤/ ٢٠٣) ولكن فيه عبد الله بن عباد البصريّ ثم المصريّ ضعيف جدًّا.
ومع ذلك قال الدارقطني: "تفرّد به عبد الله بن عباد، عن المفضل بهذا الإسناد وكلّهم ثقات".
ونقله عنه البيهقي وأقرّه. وفيه نظر لما قال ابن حبان في المجروحين (٥٧٤) في ترجمة عبد الله بن عباد البصري أنه شيخ سكن مصر يقلب الأخبار، روي عن المفضل بن فضالة، عن يحيى بن أيوب، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فذكر الحديث.
وقال: "وهذا مقلوب، إنما هو عند يحيى بن أيوب، عن عبد الله بن أبي بكر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، عن حفصة. فيما يشبه هذا، روى عنه روح بن الفرج أبو الزنباع نسخة موضوعة" انتهى.
فلا يستشهد بهذا الشاهد.
وله شاهد آخر عن ميمونة بنت سعد، تقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من أجمع الصوم من الليل فليصم، ومن أصبح ولم يُجمعه فلا يصم".
رواه الدارقطني (١/ ١٧٣) وفيه الواقدي وهو متهم.
فقه الحديث:
ظاهر حديث الباب يفيد بأن من لم ينو الصيام من الليل فلا صيام له، وبه قال أحمد ومالك والشافعي؛ لأنّ الصوم عبادة يفتقر إلى النية كالصلاة وبقية العبادات.
هذا في صيام رمضان أو في قضاء رمضان، أو في صيام نذر، وتجزئه نية واحدة لجميع شهر رمضان عند الإمام أحمد. وأمّا صيام التطوع فمباح له أن ينويه بعد ما يصبح. انظر للمزيد: "المنة الكبري" (٣/ ٢٧٨).
١٩ - باب الترغيب في السّحور
• عن أنس بن مالك، قال: قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "تسحَّروا، فإن في السَّحور بركة".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الصوم (١٩٢٣) من طريق شعبة، ومسلم في الصيام (١٠٩٥) من طريق ابن عليّة -كلاهما عن عبد العزيز بن صُهيب، عن أنس، به.
• عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله: "تسحروا، فإن في السحور بركة".
حسن: رواه الإمام أحمد (٨٨٩٨) عن عبد الرزاق وهو في مصنفه (٧٦٠١) قال: أخبرنا