وحدثنا محمد بن سليمان الأنباريّ، حَدَّثَنَا وكيع، عن سفيان، جميعًا عن عون بن أبي حجيفة، عن أبيه فذكر الحديث.
قلت: الإسناد الأوّل فيه قيس بن الربيع ضعَّفه عليّ بن المديني والنسائي والدارقطني وغيرهم.
ولكن تابعه سفيان إِلَّا في قوله: "ولم يستدر" وقد ثبت ذلك في روايات أخرى.
فقد رواه الترمذيّ (١٩٧) والحاكم (١/ ٢٠٢) من حديث عبد الرزّاق، عن سفيان وفيه: "رأيت بلالًا يُؤذِّن ويدور، ويتبع فاه هاهنا وهاهنا، وإصبعاه في أذنيه" وقال: "حسن صحيح".
وقال الحاكم: صحيح على شرط الشّيخين.
والمراد منه التواء العنق يمينًا وشمالًا كما ذكره النسائيّ (٢/ ١٢) بقوله: ينحرف يمينًا وشمالًا.
وأمّا إدخال الاصبعين في الأذنين فهو صحيح.
قال الترمذيّ: "حديث أبي جحيفة حسن صحيح، وعليه العمل عند أهل العلم، يستحبون أن يُدخل المؤذن إصبعيه في أذنيه في الأذان. وقال بعض أهل العلم: وفي الإقامة أيضًا، يُدخل إصبعيه في أذنيه وهو قول الأوزاعي" انتهى.
قلت: أصل حديث أبي جحيفة في الصحيحين. وسبق ذكره في الطهارة في باب استعمال فضل الوضوء إِلَّا أن البخاريّ لم يسق لفظ الحديث كاملًا كما لم يذكر هو ولا مسلم إدخال الاصبعين في الأذنين.
[٢٦ - باب في المؤذن ينتظر الإمام، فإذا رآه يقيم]
• عن جابر بن سمرة قال: كان بلال يؤذِّن إذا دحضتْ، فلا يُقيم حتَّى يخرجَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، فإذا خرج أقام الصّلاةَ حين يراه.
صحيح: رواه مسلم في المساجد (٦٠٦) عن سلمة بن شبيب، ثنا الحسن بن أعين، ثنا زهير، ثنا سماك بن حرْب، عن جابر بن عبد الله فذكر الحديث.
ورواه أبو داود (٥٣٧) والتِّرمذيّ (٢٠٢) من طريق إسرائيل، عن سماك بن حرب وفيه: "كان مؤذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يؤذن، ثمّ يُمْهِل، فإذا رأى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قد خرج أقام الصّلاة".
ولم يُسم الترمذيّ اسم المؤذِّنِ، وسماه أبو داود بأنه بلال.
قال الترمذيّ: هكذا قال بعض أهل العلم: "إنَّ المؤذِّن أملكُ بالأذان، والإمام أملك بالإقامة".
قلت: قول الترمذيّ هو الصواب، وأمّا ما رُوي عن أبي هريرة مرفوعًا:
"المؤذِّن أملك بالأذان، والإمام أملك بالإقامة، اللَّهُمَّ أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين" فهو ضعيف، رواه ابن عدي في "الكامل" (٤/ ١٣٢٧) عن محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن فروخ، ثنا عليّ بن أشكاب، ثنا يحيى بن إسحاق، ثنا شريك، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة