طالعة من مغربها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أتدرون متى ذاكم؟ . ذاك حين:{لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا}[الأنعام: ١٥٨].
متفق عليه: رواه البخاريّ في التفسير (٤٨٠٢)، ومسلم في الإيمان (١٥٩) كلاهما من طريق إبراهيم بن يزيد التيمي، عن أبيه، عن أبي ذرّ قال: فذكره. واللّفظ لمسلم، ولفظ البخاريّ مختصر.
• عن أبي ذرّ قال: قال النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - لأبي ذرّ حين غربت الشّمس: "أتدري أين تذهب؟ ". قلت: الله ورسوله أعلم. قال: "فإنها تذهب حتَّى تسجد تحت العرش، فتستأذن، فيؤذن لها، ويوشك أن تسجد، فلا يقبل منها، وتستأذن، فلا يؤذن لها، يقال لها: ارجعي من حيث جئت، فتطلع من مغربها. فذلك قوله تعالى:{وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}.
متفق عليه: رواه البخاريّ في بدء الخلق (٣١٩٩)، ومسلم في الإيمان (١٥٩) كلاهما من طريق الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن أبي ذرّ قال: فذكره، واللّفظ للبخاري، ولفظ مسلم نحوه.
إن شهادة الجوارح يوم القيامة جاء ذكرها أيضًا في آيات أخرى من القرآن الكريم، قال تعالى:{يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[النور: ٢٤]، وقال تعالى: {حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٢٠) وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [فصلت: ٢٠، ٢١].
وذلك لأن الكفار والمنافقين يوم القيامة يكذبون، ويخفون شركهم ومعاصيهم بل ينكرونها، قال تعالى عنهم:{ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ}[الأنعام: ٢٣] وقال تعالى: {مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ}[النحل: ٢٨]، وقال تعالى: {ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ (٧٣) مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ} [غافر: ٧٣، ٧٤].
فمن أجل إخفائهم وإنكارهم لشركهم ومعاصيهم، ومن أجل إظهار الله لعدله وإقامة الحجة عليهم يختم على ألسنتهم وأفواههم، ويشهد عليهم أيديهم وأرجلهم وجلودهم وغيرها من أعضاء الجسم وأركانه، وإليه يشير قوله تعالى في الآية المذكورة:{الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ} ... وقد جاءت الأحاديث في معناها.
• عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث رؤية الرب يوم القيامة -: "ثمّ يقال له: الآن نبعث شاهدنا عليك. ويتفكر في نفسه من ذا الذي يشهد عليّ؟ ، فيختم على فيه، ويقال لفخذه ولحمه وعظامه: انطقي، فتنطق فخذه ولحمه وعظامه