للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وللحديث طريق آخر وهو ما رواه أحمد (٦٦٦) والبزّار (٧٢١) كلاهما من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرّب، عن عليّ فذكره مختصرًا.

قال البزّار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن حارثة بن مضرب إِلَّا أبو إسحاق، ولا عن أبي إسحاق إِلَّا إسرائيل. ورواه عن عليّ غير واحد، وأحسن إسنادًا يروى عن عليّ هذا الإسناد".

وأمّا ما رواه ابن ماجة (٢٣١٠) وأحمد (٦٣٦) والحاكم (٣/ ١٣٥) كلّهم من طريق الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري قال: قال عليّ فذكره.

فأبو البختري لم يسمع من عليّ شيئًا. ومع ذلك قال الحاكم: "صحيح على شرط الشّيخين".

شرح الحديث: قال الخطّابي: "وفيه دليل على أن الحاكم لا يقضى على غائب، وذلك لأنه إذا منعه أن يقضي لأحد الخصمين وهما حاضران حتَّى يسمع كلام الآخر، فقد دلّ على أنه في الغائب الذي لم يحضره، ولم يسمع قوله أولى بالمنع، وذلك لإمكان أن يكون معه حجّة تبطل دعوى الحاضر، وهذا قول أبي حنيفة، وقال مالك، والشافعي: "يجوز القضاء على الغائب إذا تبين للحاكم أن فراره واستخفاءه إنّما هو فرار من الحق ومعاندة للخصم". انتهى.

وقالوا: إن حديث عليّ يحمل على الخصمين الحاضرين الذين يمكن سماع كلامهما، فلا يقضي لأحدهما حتَّى يسمع كلام الآخر، فإذا كان الخصم غائبًا، فلا يترك استماع كلام الحاضر حتَّى لا يكون ذريعة لإبطال الحقوق.

واستدل البيهقيّ على قضاء الغائب بحديث هند زوجة أبي سفيان، قال فيه النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: "خذي ما يكفيك وبنيك" بأنه - صلى الله عليه وسلم - قضى على أبي سفيان في غيابه، ولكن اعتذر ابن التركماني وغيره بأنه من الفتيا، لم يكن من القضاء، لأن مذهب أبي حنيفة وأصحابه لا يجوز القضاء على الغائب.

ذكره الطحاويّ في اختلاف العلماء (المختصر) (٣/ ٣٨٦) وفيه كلام آخر راجع "المنة الكبرى" (٩/ ٤٥).

[١٥ - باب كيف يجلس الخصمان بين يدي القاضي]

رُوي عن عبد الله بن الزُّبير قال: قضى رسول الله أن الخصمين يقعدان بين يدي الحكم.

رواه أبو داود (٣٥٨٨) ومن طريقه البيهقيّ (١٠/ ١٣٥) عن أحمد بن منيع، حَدَّثَنَا عبد الله بن المبارك، حَدَّثَنَا مصعب بن ثابت، عن عبد الله بن الزُّبير فذكره.

ورواه الحاكم (٤/ ٩٤) من وجه آخر عن مصعب بن ثابت وقال: "صحيح الإسناد".

وهو ليس كما قال. فإن مصعب بن ثابت وهو ابن عبد الله بن الزُّبير بن العوام الأسدي ضعيف، ضعَّفه ابن معين وقال أحمد: "أراه ضعيف الحديث، لم أر الناس يحمدون حديثه". وقال أبو حاتم: "صدوق كثير الغلط، ليس بالقوي".

<<  <  ج: ص:  >  >>