قلت: ثم أنا أستبعد أن يكون النبي صلَّى الله عليه وسلَّم لم يُعَق عنه، والعقيقة مما توارث عليها أهل مكة في الجاهلية وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - من أحبِّ أولاد جده عبد المطلب وهو من رؤساء قريش وأثريائهم.
ولو فُرِضَ أنه لم يعقّ عنه - صلى الله عليه وسلم -، وعقَّ عن نفسه بعد النبوة لتوافرت الهمم والدواعي على نقله، ولتسارع إليه أصحابه الذين لم يعق عنهم في الجاهلية، لكن لم يُنقل إلينا شيء من ذلك.
وأما أن يعقَّ الرجلُ إذا بلغَ، وعلِمَ أنه لم يُعَقَّ عنه فهذا أمرٌ قاله بعض السلف من أهل العلم أنه يجوز أن يَعُق عن نفسه إذا بلغ واستطاع.
روي عن ابن سيرين أنه قال:"لو أعلم أنه لم يعق عنّي لعققتُ عن نفسي". رواه ابن أبي شيبة (٨/ ٢٣٥ - ٢٣٦) وكذلك روي عن الحسن البصري وغيره. وقد استحسن الإمام أحمد لمن لم يُعَق عنه صغيرا أن يعق عنه كبيرًا. تحفة المودود ص (١٤٣).
[١٠ - باب ما جاء في تحنيك المولود وتسميته والدعاء له عند ولادته]
• عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: كان ابنٌ لأبي طلحة يشتكي فخرج أبو طلحة، فقُبِضَ الصبيُّ. فلما رجع أَبو طلحة قال: ما فعل ابني؟ قالت أم سُليم: هو أسكنُ ما كان، فقربتْ إليه العشاء فتعشَّى، ثم أصاب منها، فلمَّا فرغَ قالتْ: وَارِ الصَّبِيَّ. فلما أصبح أبو طلحة أتي رسولّ الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره فقال:"أَعْرَسْتُمْ اللَّيْلَةَ؟ " قال: نعم. قال:"اللَّهم بَارِكْ لهما في ليلتهما". فولدَتْ غلامًا. قال لِي أبو طلحة: احفظه حتى تأتي به النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأتي به النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأرسلتْ معه بتمراتٍ، فأخذهُ النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقال:"أَمَعَهُ شَيْءٌ؟ " قالوا: نعم، تمراتٌ، فأخذها النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم فمضغها ثمّ أخذ من فيهِ، فجعلها في في الصبيِّ وحَنَّكَهُه به، وسمّاه:"عبد الله".
متفق عليه: رواه البخاري في العقيقة (٥٤٧٠)، ومسلم في الآداب (٢٣: ٢١٤٤) كلاهما من طريق يزيد بن هارون، أخبرنا عبد الله بن عون، عن أنس بن سيرين، عن أنس بن مالك، فذكره. والسياق للبخاري.
ثم عطف عليه البخاري إسنادا آخر من طريق ابن أبي عدي، عن ابن عون، عن محمد (يعني ابن سيرين)، عن أنس قال: وساق الحديث.
قول البخاري: وساق الحديث.
هو يقصد الحديث الذي أخرجه في كتاب اللباس (٥٨٢٤) عن محمد بن المثنى، قال: حدثني ابن أبي علي، عن ابن عون، عن محمد عن أنس قال:"لما ولدتْ أم سُليم قالت لي: يا أنس انظر هذا الغلام فلا يُصيبنَّ شيئا حتى تغدو به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يُحنِّكهـ فغدوت به، فإذا هو في حائط، وعليه خميصة حُريثية وهو يَسِمُ الظهر الذي قدم عليه في الفتح". اهـ.