لأنا لو جعلناه سببًا لكان مخالفًا للقرآن وهو قوله:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[الأنعام: ١٦٤]، والله أعلم. انتهي.
وعلى هذا فحمل عائشة على عذاب اليهود أمر نسبي، فعذابهم لعدم إيمانهم بالله ورسوله، وعذاب المسلمين لعدم منعهم من النياحة بعد الموت.
وقد أطال الحافظ ابن القيم في تهذيب السنن في الدفاع عن الأحاديث التي رواها عمر وابنه وغيرهما، وقال: ومحال أن يكون هؤلاء كلهم وهموا في الحديث، ثم أجاب عن شبهة عائشة مثل إجابة الخطابي وزاد عليه.
٩ - باب كراهية البكاء على من تُظله الملائكة بأجنحتها
• عن جابر بن عبد الله قال: جيئ بأبي يوم أحُد قد مُثِّل به حتى وُضع بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد سُجي ثوبًا، فذهبت أريد أن أكشف عنه، فنهاني قومي، ثم ذهب أكشف عنه فنهاني قومي، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فرُفع، فسمع صوت صائحة فقال:"من هذه؟ " فقالوا: ابنة عمرو -أو أخت عمرو- قال:"فلم؟ تبكي أو لا تبكي، فما زالت الملائكة تُظله بأجنحتها حتى رُفع".
متفق عليه: رواه البخاري في الجنائز (١٢٩٣)، ومسلم في فضائل الصحابة (٢٤٧١) كلاهما من حديث سفيان، حدثنا ابن المنكدر، قال: سمعت جابر بن عبد الله فذكره ولفظهما سواء.
وقوله:"تبكي أو لا تبكي" للتخيير، ومعناه أنه مكرم بصنيع الملائكة، وتزاحمهم عليه لصعودهم بروحه.
[١٠ - باب جواز البكاء على الميت وإظهار الحزن عليه]
• عن أسامة بن زيد قال: أرسلت ابنةُ النبي - صلى الله عليه وسلم - إليه إن ابنًا لي قُبض، فَأتِنا، فأرسل يُقرئ السلام، ويقول:"إن الله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل عنده بأجل مسمي، فلتصبر ولتحتسب" فأرسلتْ إليه قسم عليه ليأْتِينَّها، فقام ومعه سعد بن عبادة، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، ورجال، فرفع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الصبي، ونفسُه تتقَعْقَع، -قال: حسبته أنه قال: كأنها شنٌ، ففاضت عيناه، فقال سعد: يا رسول الله! ما هذا؟ فقال:"هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماءَ".
متفق عليه: رواه البخاري في الجنائز (١٢٨٤)، ومسلم في الجنائز (٩٢٣) كلاهما من طريق عاصم بن سليمان الأحول، عن أبي عثمان النهدي، عن أسامة بن زيد فذكره، واللفظ للبخاري،