والحارث لا يحتج بخبره لطعن الحفاظ فيه".
قلت: وإسناد هذا الحديث وإن كان ضعيفا، فقد اتفق أهل العلم على صحة معناه، فلعل الحارث حفظ هذا الحديث من علي بن أبي طالب؛ لأنه كان عارفا بالفرائض معتنيا بها وبالحساب، كما قال ابن كثير في تفسير الآية الكريمة.
ولذا قال الترمذي: "والعمل على هذا الحديث عند عامة أهل العلم".
قلت: وذلك في الأمرين في تقديم الدين على الوصية، وتوريث أعيان بني الأم، وهم الإخوة الأب واحد وأم واحدة، دون بني العلات، وهم الذين أبوهم واحد وأمهاتهم مختلفة إذا اجتمعوا.
[٢٤ - باب توريث المولود إذا استهل]
• عن أبي هريرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "إذا استهلّ المولودُ وُرِّث".
حسن: رواه أبو داود (٢٩٢٠) ومن طريقه البيهقي (٦/ ٢٥٧) عن حسين بن معاذ، حدثنا عبد الأعلى، حدثنا محمد -يعني ابن إسحاق-، عن يزيد بن عبد اللَّه بن قسيط، عن أبي هريرة فذكره.
جوّد إسناده ابن عبد الهادي في التنقيح (٤/ ٢٧٧).
ورواه أيضًا ابن خزيمة -كما قال البيهقي- عن الفضل بن يعقوب الجزري، عن عبد الأعلى بهذا الإسناد مثله. وزاد موصولا بالحديث: "تلك طعنة الشيطان، كل بني آدم نائل منه تلك الطعنة إلا ما كان من مريم وابنها، فإنها لما وضعتها أمها قالت: {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [سورة آل عمران: ٣٦] فضرب دونها بحجاب، فطعن فيه - يعني في الحجاب".
وإسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق؛ فإنه مدلس، وقد عنعن، ولم أقف على تصريح منه، ولكن لحديث أبي هريرة طرق أخرى تقويه، وإن كانت هذه الطرق لا تصح بانفرادها.
ومما يقوي هذا الحديث أنه روي مرسلا من وجه آخر.
رواه البيهقي من طريق موسى بن داود، عن عبد العزيز بن أبي سلمة، عن الزهري، عن سعيد ابن المسيب، عن أبي هريرة قال: "من السنة أن لا يرث المنفوس، ولا يُوَرِّث حتى يستهل صارخا". قال: كذا وجدته، ورواه يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا يرث الصبي إذا لم يستهل، والاستهلال الصياح، أو العطاس، أو البكاء، ولا يكمل ديته".
وقال سعيد: "لا يصلى عليه".
ورواه السِلَفي في الطيوريات موصولا (٢٤٢) من حديث عبد اللَّه بن شبيب، حدثني إسحاق بن محمد، حدثني علي بن أبي علي، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا استهلَّ الصبي صارخًا سُمِّيَ، وصُلِّيَ عليه، وتَمَّتْ ديته ووُرِّث، وإن لم يستهلَّ صارخًا، وولد حيًا لم يُسَمَّ، ولم تتمَّ ديته، ولم يصلَّ عليه، ولم يُوَرَّث".