وقوله: "كنا نرى الاجتماع"، أي في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو في عهد الصحابة.
٢٤ - باب ما جاء في النهي عن عزاء الجاهليّة
• عن أبي بن كعب أن رجلًا اعتزي بعزاء الجاهلية فأَعضَّه، ولم يكنه. فنظر القوم إليه فقال للقوم: إني قد أرى الذي في أنفسكم، إني لم أستطع إلا أن أقول هذا، إن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أمرنا: "إذا سمعتم من يعتزي بعزاء الجاهلية فأعِضُّوه ولا تكنوا".
وفي رواية: عن عُتي قال: رأيتُ رجلًا تعزَّى عند أُبيّ بعزاء الجاهلية، افتخر بأبيه، فأعضَّه بأبيه، ولم يكنه.
وفي رواية: قال أُبيّ: كنا نُؤمر إذا الرجل تعزي بعزاء الجاهلية فأعِضُّوه بِهَنِ أبيه، ولا تكنوا.
حسن: هذه الروايات كلها أخرجها الإمام أحمد (٢١٢٣٣, ٢١٢٣٤, ٢١٢٣٦) من طرق، عن عوف، عن الحسن، عن عُتَيّ، عن أبي بن كعب، إلا الرواية الثانية فهي من طريق يونس، عن الحسن، وصحَّحه ابن حبان (٣١٥٣) فأخرجه من طريق عوف بإسناده في فصل في النياحة وغيرها.
ورواه أيضًا النسائي في "اليوم والليلة" (٩٧٦) من طريق عوف، ومن طرق أخرى أيضًا (٩٧٤، ٩٧٥) عن الحسن بإسناده وفي هذه الطرق: "فأعضوه بِهَنِ أبيه ولا تكنوا".
وعُتُيّ -بضم أول مصغرا- ابن ضمرة التميمي السعدي البصري، وثَّقه العجلي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن سعد: كان ثقة قليل الحديث.
وأما علي بن المديني فقال: "مجهول سمع من أبي بن كعب، لا نحفظها إلا من طريق الحسن، وحديثه يُشبه حديث أهل الصدق وإن كان لا يعرفه.
فهو في أكثر أحواله يكون صدوقًا، إلا أن الحافظ قال فيه: "ثقة".
والحسن هو الإمام البصري، وهو وإن كان مدلسًا وقد عنعن، إلا أن سماعه عن عُتي ثابت كما أكد بذلك كثير من أهل العلم، وعوف هو الأعرابي العبدي البصري ثقة، ورمي بالقدر، إلا أنه توبع.
وللحديث إسناد آخر رواه عبد الله بن أحمد في مسند أبيه (٢١٢١٨) عن محمد بن عمرو بن العباس الباهلي، حدثنا سفيان، عن عاصم، عن أبي عثمان، عن أُبيِّ أن رجلًا اعتزى فأعَضَّه أُبيٌّ بِهَنِ أبيه، فقالوا: ما كنت فحَّاشًا! فقال: إنا أمرنا بذلك.
وإسناده حسن من أجل محمد بن عمرو بن العباس الباهلي ترجمة الخطيب في "تاريخ بغداد" (٤/ ٢١٣) الطبعة الجديدة، قال: "أخبرنا علي بن محمد بن الحسين الدقاق، قال: قرأنا على الحسين بن هارون، عن أبي العباس بن سعيد، قال: محمد بن عمرو بن العباس الباهلي سمعت عبد الرحمن بن يوسف يقول: كان ثقة" انتهي.