قوله: "لا يغسله الماء" أي لا يزول القرآن من الأرض أبدا بل يبقى محفوظا في الصدور والسطور إلى يوم القيامة بدون تحريف ولا تبديل، وهذا من خصائص القرآن الكريم، وأما كتبُ الأديان الأخرى فإنها وإن كانت باقية ولكنها محرفة وما زال التحريف فيها مستمرا.
وقوله: "نائما ويقظان" المخاطب فيه هو النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن القرآن بالنسبة له في النوم واليقظة سواء وذلك من خصائص النبي - صلى الله عليه وسلم -.
١٥ - باب قوله: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٥١)}
أي أن هذا القرآن الذي أنزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يتلوه عليهم مع كونه أمّيا لا يقرأ ولايكتب لآية عظيمة، بل هو أعظم الآيات التي أوتيها النبي - صلى الله عليه وسلم - كما جاء في الصحيح:
• عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من الأنبياء من نبي إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحى الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة".
متفق عليه: رواه البخاري في فضائل القرآن (٤٩٨١)، ومسلم في الإيمان (١٥٢) كلاهما من طريق الليث، حدثنا سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة فذكره. واللفظ لمسلم ولفظ البخاري نحوه.
١٦ - باب قوله: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (٥٨)}
• عن أبي مالك الأَشعري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن في الجنة غرفةً يُرى ظاهِرُها من باطنها، وباطِنُها من ظاهرها، أعده الله لمن أطعم الطعام، وألانَ الكلامَ، وتابع الصيامَ، وصلّى والناسُ نيام".
حسن: رواه أحمد (٢٢٩٠٥)، وصحّحه ابن خزيمة (٢١٣٧)، وابن حبان (٥٠٩) كلهم من طريق عبد الرزاق - وهو في مصنفه (٢٠٨٨٣) عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن ابن معانق أو أبي معانق، عن أبي مالك الأشعري فذكره.
وإسناده حسن من أجل ابن معانق وهو: عبد الله بن معانق الأشعري وكنيته أبو مُعانق، وثقه ابن حبان والعجلي، وهو من تابعي أهل الشام، وأبو مالك الأشعري له صحبة، واسمه الحارث بن الحارث وهو شامي أيضًا. فلقاؤهما ممكن.
والكلام عليه مبسوط في كتاب الصلاة.