وأما قول الذهبي: موسى بن سالم قال فيه أبو حاتم: "منكر الحديث". الميزان (٤/ ٢٠٥). فهو وهم منه مع أنه نقل كلام أبي حاتم في موسى بن سالم أبو جهضم العباس مولاهم بأنه "صدوق" وقال في نسخة من كتابه "الميزان": "وليس في كتاب أبي حاتم موسى بن سالم سوى واحد، وهو أبو جهضم مولى آل العباس، وقد وثقه أحمد وأبو زرعة، وقال أبو حاتم: صالح الحديث". انتهى.
وقوله: "ينعطفن"، وفي رواية الإمام أحمد: "يتعاطفن" أي يتعاطف تسبيحهم وتحميدهم، فهذا الضمير يقوم مقام العائد إلى الموصول الذي هو المبتدأ، ومثله قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ} [سورة البقرة: ٢٣٤] أي أزواجهم، والمراد: تمثيل هذه الكلمات التي هي التسبيح وغيره، وهذا مبني على تشكل الأعمال والمعاني بأشكال، وهذا مما يدل عليه أحاديث كثيرة. قاله السنديّ.
والخلاصة أن الذي يظهر أن الصّحيح في إسناد هذا الحديث هو موسى بن مسلم أبو عيسى الطحان، ومن قال: موسى بن سالم أو موسى بن عبد اللَّه فقد وهم، واللَّه تعالى أعلم.
[١٣ - باب ما جاء في الكرسي]
قال اللَّه تعالى: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} [سورة البقرة: ٢٥٥].
جاء في صفة الكرسي من الأحاديث والآثار ما يلي:
عن ابن عباس، قال: الكرسيّ موضع القدمين، والعرش لا يقدّر أحدٌ قدره.
رواه الحاكم في مستدركهـ (٢/ ٢٨٢) عن أبي العباس محمد بن أحمد المحبوبيّ، عن محمد بن معاذ، عن أبي عاصم، عن سفيان -وهو الثوريّ- بإسناده، عن ابن عباس موقوفًا، مثله. وقال: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه". انتهى.
قلت: هذا الموقوف رواه أيضًا ابن أبي شيبة في صفة العرش (٦١) من طريق أبي عاصم، عن سفيان، به.
ورُوي أيضًا عن أبي هريرة مرفوعًا، ولا يصح.
رواه ابن مردويه من طريق الحكم بن ظهير الفزاريّ الكوفيّ -وهو متروك- عن السّديّ، عن أبيه، عن أبي هريرة. ذكره الحافظ ابن كثير في تفسيره.
وفي الباب عن ابن مسعود.
وكذلك لا يصح ما روي عن عمر بن الخطّاب قال: أتت امرأةٌ إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقالت: ادعُ اللَّه أن يدخلني الجنّة. قال: فعظَّم الربَّ تبارك وتعالى وقال: "إنّ كرسيه وسع السماوات والأرض، وإنّ له أطيطًا كأطيط الرّحل الجديد من ثقله".