يدرك معاذًا ولا عبد الله بن زيد، ولم يُسمِّ من حدَّثه عنهما، ولا عن أحدهما: ثم نقل كلام ابن خزيمة كما ذكرته، ثم قال: وقد رُوي في هذا الباب أخبار من أوجه أخرى كلها ضعيفة، وبيَّنت ضعفَها في الخلافيات، وأمثل إسناد روي في تثنية الإقامة حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى، وهو إن صَحّ فكل أذان روي ثنائية فهو بعد رؤيا عبد الله بن زيد، فيكون أولى مما روي في رؤياه مع الاختلاف في كيفية رؤياه في الإقامة. فالمدنيون يروونها مفردة، والكوفيون يروونها مَثنى مَثنى، وإسناد المدنيين موصول، وإسناد الكوفيين مرسل، ومع موصول المدنين مرسل سعيد بن المسيب، وهو أصح التابعين إرسالًا، ثم ما روينا من الأمر بالإفراد بعده، وفعل أهل الحرمين". انتهى. السنن الكبري (١/ ٤٢١).
وأما ما رواه ابن أبي شيبة (٢١٣١) عن وكيع، حدثنا الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: حدثنا أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن عبد الله بن زيد الأنصاري جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! رأيت في المنام كأن رجلا قام، وعليه بردان أخضران على جذْمة حائط، فأذّن مَثني، وأقام مَثنى، وقعد قعدة، قال: فسمع ذلك بلال، فقام فأذّن مثنى، وأقام مثنى، وقعد قعدة.
فهو مع قوة إسناده شاذ لما ثبت من خلافه في إفراد الإقامة.
[٢ - باب ما جاء في تأكيد الأذان]
• عن أبي الدرداء يقول: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ما من ثلاثة في قرية لا يؤذَّنُ ولا تُقام فيهم الصلاة، إلا استحوذ عليهم الشيطان، فعليك بالجماعة، فإن الذئب يأكل القاصية".
حسن: رواه الإمام أحمد عن وكيع (٢١٧١٠) وعن ابن مهدي (٢٧٥١٤) كلاهما عن زائدة بن قدامة، حدثني السائب بن حُبيش الكلاعي، عن معدان بن أبي طلحة اليعمري قال: قال لي أبو الدرداء: أين مسكنك؟ قال: قلت: في قرية دون حِمْص، قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول فذكر الحديث.
ورجاله ثقات غير السائب بن حُبيش الكلاعي الحمصي فهو حسن الحديث، فقد وثَّقه العجلي وابن حبان، وقال الدارقطني: صالح الحديث.
والحديث ليس من زوائد الإمام أحمد، فقد أخرجه أيضًا أبو داود (٥٤٧) عن أحمد بن يونس، والنسائي (٨٤٧) من طريق ابن المبارك، كلاهما عن زائدة بن قدامة به إلا أنهما لم يذكرا الأذان.
وكذلك رواه أيضًا ابن خزيمة (١٤٨٦)، والحاكم (١/ ٢١١) من أوجه عن زائدة بن قدامة، ولم يذكرا فيه الأذان.
قال الحاكم: هذا حديث صدوق رواته، شاهد لما تقدمه متفق على الاحتجاج برواته إلا السائب بن حُبيش، وقد عرف من مذهب زائدة أنه لا يحدث إلا عن الثقات. انتهى.