سكان المدينة: كان من سكان المدينة العرب واليهود، والوثائق التاريخية لا تثبت صراحة أيهم أقدم سكنًا، ولكن جغرافية العرب تشير إلى أن المدينة لم تكن في يوم من الأيام خالية من السكان، لأن من طبيعة العرب التنقل المستمر من مكان إلى مكان بحثًا عن الماء والمرعى.
وقد عرفت قبائل العرب في المدينة باسم الأوس والخزرج وهم ينتمون إلى قبيلة الأزد باليمن، والتاريخ لا يحدد بالضبط وقت خروجهم منها ولكن نظزا لعددهم وتمكنهم في أرض المدينة يقدر أنهم نزحوا إليها قبل مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - طلاجو بقرنين ونصف إلى ثلاثة قرون. وكانت بينهم حروب مستمرة للسيطرة على حراث المدينة وسيادتها حتى جاء الإسلام فألف بين قلوبهم.
وأما اليهود فلا نرى وجهًا لاستيطانهم المدينة إلا أنهم وجدوا في كتبهم وسمعوا من علمائهم أن وصف الأرض التي تكون دارًا لهجرة نبي آخر الزمان هو المدينة. فلما قرب عهد ظهور النبي - صلى الله عليه وسلم - خرجوا بحثًا عن هذه الأرض فوصلوا إلى تيما ووجدوا فيها النخل فنزلها طائفة منهم، وظن طائفة أنها خيبر فنزلوها، ومضى أشرفهم وأكثرهم فلما رأوا يثرب وفيها نخل قالوا: هذه هي البلدة التي مهاجر النبي - صلى الله عليه وسلم -، فنزل بنو النضير بطحان. ونزل بنو قريظة والنضير بمذينيب ومهزور.
وفاء الوفاء للسمهودي (١/ ١٦٠).
وكانوا أصحاب حرفة وصناعة فتمكنوا في وقت قصير أن استولوا على الأراضي الزراعية الواسعة، وتحصنوا في حصونهم خوفًا من انقلاب العرب عليهم، لأن طبيعتهم الطغيانية تحركهم دائمًا إلى الغش والخداعة لجيرانهم، وقد ثبت أنهم كانوا يُهددون جيرانهم بالنبي المنتظر. فلما بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - كفروا به وقد كانوا يعرفونه كما كانوا يعرفون أبناءهم. ونقل رزين عن الشرقي أن يهود كانوا نيفًا وعشرين قبيلة. وفاء الوفاء (١/ ١٦٥).
ولكن القبائل الكبيرة هي بنو النضير وعدد رجالهم سبعمائة. وبنو قريظة وعدد رجالهم سبعمائة أيضا وبنو قينقاع وعدد رجالهم تسعمائة.
[٢ - باب دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه بالهجرة وإمضائها لهم]
• عن سعد بن أبي وقاص قال: عادني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع من وجع أشفيت منه على الموت فذكر قصة الوصية ثم قال: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -! أخلّف بعد أصحابي؟ قال:"إنك لن تخلّف فتعمل عملًا تبتغي به وجه الله إلا زادت به درجة ورفعة، ولعلك تخلّف حتى يُنفع بك أقوام، أو يُضر بك آخرون. اللهم أمض لأصحابي هجرتهم، ولا تردهم على أعقابهم، لكن البائس سعد بن خولة" رثى له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن توفي بمكة.
متفق عليه: رواه البخاري في المغازي (٤٤٠٩) ومسلم في الوصية (١٢٢٨) كلاهما عن